﴿وأوحي إِلَى نوح أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن فَلَا تبتئس بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦) واصنع الْفلك بأعيننا ووحينا وَلَا تخاطبني فِي الَّذين ظلمُوا إِنَّهُم مغرقون (٣٧) ﴾
مَاتَ، فَيخرج فِي الْيَوْم الثَّانِي ويدعوهم إِلَى الله؛ فَروِيَ أَن شَيخا جَاءَ يتَوَكَّأ على عَصا وَمَعَهُ ابْنه فَقَالَ: يَا بني لَا يغرنك هَذَا الشَّيْخ الْمَجْنُون، فَقَالَ: يَا ابة، أمكني من الْعَصَا، فَدفع إِلَيْهِ الْعَصَا، فَضرب نوحًا على رَأسه وشجمة شجة مُنكرَة حَتَّى سَالَتْ الدِّمَاء مِنْهُ، وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى الْإِيمَان، فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن﴾ فَحِينَئِذٍ استجار بِالدُّعَاءِ وَقَالَ: ﴿رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا﴾. وَقَوله: ﴿فَلَا تبتئس بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ قَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة: فَلَا تحزن. قَالَ أهل اللُّغَة: الابتئاس: حزن مَعَ استكانة، قَالَ الشَّاعِر:


قَوْله تَعَالَى: ﴿واصنع الْفلك بأعيننا﴾ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بمرأى منا.
وَعَن الضَّحَّاك: بمنظر منا. وَقيل: برؤيتنا وحفظنا. وَفِي الْقِصَّة: أَن جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - أَتَى نوحًا - عَلَيْهِ السَّلَام - فَقَالَ: إِن رَبك يَأْمُرك أَن تصنع الْفلك. قَالَ: كَيفَ أصنع وَلست بنجار؟ ! فَقَالَ: إِن رَبك يَقُول: اصْنَع الْفلك فَأَنت بعيني. فَأخذ الْقدوم وَجعل يصنع الْفلك فَلَا يخطيء موضعا.
وَقَوله: ﴿ووحينا﴾ أَي: وأمرنا. وَقَوله: ﴿وَلَا تخاطبني فِي الَّذين ظلمُوا إِنَّهُم مغرقون﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: وَلَا تخاطبني فِي إمهال الْكفَّار، فَإِنِّي قد حكمت بإغراقهم.
وَالثَّانِي: لَا تخاطبني فِي ابْنك؛ فَإِنَّهُ هَالك مَعَ الْقَوْم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ويصنع الْفلك﴾ رُوِيَ عَن زيد بن أسلم أَنه قَالَ: مكث نوح مائَة سنة يغْرس الْأَشْجَار وَيقطع، وَمكث مائَة سنة يعْمل الْفلك. وَعَن كَعْب الْأَحْبَار أَنه قَالَ: إِن نوحًا عمل السَّفِينَة فِي ثَلَاثِينَ سنة. وَرُوِيَ عَن سلمَان الْفَارِسِي: أَن نوحًا


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(مَا يقسم الله فاقبل غير مبتئس مِنْهُ واقعد كَرِيمًا ناعم الْبَالِي)