﴿الْجَاهِلين (٤٦) قَالَ رب إِنِّي أعوذ بك أَن أَسأَلك مَا لَيْسَ لي بِهِ علم وَإِلَّا تغْفر لي وترحمني أكن من الخاسرين (٤٧) قيل يَا نوح اهبط بِسَلام منا وبركات عَلَيْك وعَلى أُمَم مِمَّن مَعَك وأمم سنمتعهم ثمَّ يمسهم منا عَذَاب أَلِيم (٤٨) تِلْكَ من أنباء الْغَيْب نوحيها إِلَيْك مَا كنت تعلمهَا أَنْت وَلَا قَوْمك من قبل هَذَا فاصبر إِن الْعَاقِبَة لِلْمُتقين (٤٩) وَإِلَى عَاد أَخَاهُم هودا﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ﴾ أَي: قَالَ نوح: ﴿رب إِنِّي أعوذ بك أَن أَسأَلك﴾
غير أَنِّي أمتنع بك أَن أَسأَلك ﴿مَا لَيْسَ لي بِهِ علم﴾ وَمَعْنَاهُ: سُؤال الْعِصْمَة.
وَقَوله: ﴿وَإِلَّا تغْفر لي وترحمني أكن من الخاسرين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قيل يَا نوح اهبط بِسَلام منا﴾ مَعْنَاهُ: انْزِلْ بسلامة لَك من قبلنَا.
وَقَوله: ﴿وبركات عَلَيْك﴾ الْبركَة: ثُبُوت الْخَيْر، وَمِنْه بروك الْبَعِير. وَقيل: إِن الْبركَة هَاهُنَا هُوَ أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعله آدم الْأَصْغَر، فَأهْلك سَائِر من مَعَه من غير نسل، وَجعل النَّسْل من ذُريَّته إِلَى قيام السَّاعَة. وَقَوله: ﴿وعَلى أُمَم مِمَّن مَعَك﴾ مَعْنَاهُ: على ذُرِّيَّة أُمَم مِمَّن مَعَك. قَالَ مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ: دخل فِيهِ كل مُؤمن إِلَى قيام السَّاعَة كَانَ فِي صلب نوح. وَقَوله ﴿وأمم سنمتعهم﴾ ابْتِدَاء كَلَام، وَمَعْنَاهُ: وأمم سنمتعهم وهم الْكفَّار. وَقَوله ﴿ثمَّ يمسهم منا عَذَاب أَلِيم﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿تِلْكَ من أنباء الْغَيْب نوحيها إِلَيْك﴾ أَي: نلقيها إِلَيْك. قَوْله: ﴿مَا كنت تعلمهَا أَنْت وَلَا قَوْمك من قبل هَذَا﴾ يَعْنِي: من قبل انزال الْقُرْآن. قَوْله: ﴿فاصبر إِن الْعَاقِبَة لِلْمُتقين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِلَى عَاد أَخَاهُم هودا﴾ عَاد قوم كَانُوا بالأحقاف، وَهِي رمال بَين الْيمن وَالشَّام. وَقيل: إِنَّهُم كَانُوا بِنَفس الْيمن، وَكَانُوا أعْطوا زِيَادَة فِي الْجِسْم وَالْقُوَّة على سَائِر الْخلق. وَقَوله: ﴿أَخَاهُم﴾ يَعْنِي: أَخَاهُم فِي النّسَب لَا فِي الدّين، وَمعنى الْآيَة: وَأَرْسَلْنَا إِلَى عَاد أَخَاهُم وَأَرْسَلْنَا إِلَى عَاد أَخَاهُم هودا.