﴿قَالَ يَا قوم اعبدوا الله مَا لكم من إِلَه غَيره إِن أَنْتُم إِلَّا مفترون (٥٠) يَا قوم لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِن أجري إِلَّا على الَّذِي فطرني أَفلا تعقلون (٥١) وَيَا قوم اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا ويزدكم قُوَّة إِلَى قوتكم وَلَا تَتَوَلَّوْا مجرمين (٥٢) قَالُوا يَا هود مَا جئتنا بِبَيِّنَة وَمَا نَحن بتاركي آلِهَتنَا عَن قَوْلك وَمَا نَحن لَك بمؤمنين﴾
قَوْله: ﴿قَالَ يَا قوم اعبدوا الله﴾ أَي: وحدوا الله. قَوْله: ﴿مالكم من إِلَه غَيره إِن أَنْتُم إِلَّا مفترون﴾ والافتراء: الْكَذِب، وَكَانَ كذبهمْ على الله تَعَالَى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا قوم لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا﴾ أَي: ثَوابًا، يَعْنِي: لَا أَسأَلكُم على الإبلاغ أجرا. وَقَوله: ﴿إِن أجري إِلَّا على الَّذِي فطرني﴾ مَعْنَاهُ: إِن ثوابي إِلَّا على الَّذِي فطرني، أَي: خلقني ﴿أَفلا تعقلون﴾ ظَاهر [الْمَعْنى].
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَا قوم اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ قدم الاستغفارعلى التَّوْبَة لما بَينا من الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا﴾ مَعْنَاهُ: يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا بالمطر مرّة بعد أُخْرَى فِي أَوْقَات الْحَاجة، والمدرار على طَرِيق الْمُبَالغَة، يُقَال: امْرَأَة معطار مذكار. وَقَوله: ﴿ويزدكم قُوَّة إِلَى قوتكم﴾ رُوِيَ أَن الله تَعَالَى حبس عَنْهُم الْمَطَر ثَلَاث سِنِين، وأعقم أَرْحَام الْأُمَّهَات فَلم يلدن، فَمَعْنَى قَوْله: ﴿يزدكم قُوَّة إِلَى قوتكم﴾ يَعْنِي: يُرْسل عَلَيْكُم الْمَطَر فتزدادون مَالا، ونعيد أَرْحَام الْأُمَّهَات إِلَى مَا كَانَ فيلدن فتزدادون قُوَّة بالأموال وَالْأَوْلَاد. وَقيل: " ويزدكم قُوَّة إِلَى قوتكم " أَي: شدَّة إِلَى شدتكم. وَقيل: يزدكم قُوَّة فِي دينكُمْ إِلَى قوتكم فِي أبدانكم. وَقَوله: ﴿وَلَا تَتَوَلَّوْا مجرمين﴾ أَي: وَلَا تعرضوا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا يَا هود مَا جئتنا بِبَيِّنَة﴾ أَي: بِحجَّة وَاضِحَة. وَقَوله: ﴿وَمَا نَحن بتاركي آلِهَتنَا عَن قَوْلك﴾ أَي: بِسَبَب قَوْلك: ﴿وَمَا نَحن لَك بمؤمنين﴾ أَي: بمصدقين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن نقُول إِلَّا اعتراك﴾ مَعْنَاهُ: إِلَّا أَصَابَك، قَالَ الشَّاعِر:
(أَتَيْتُك عَارِيا خلقا ثِيَابِي | على خوف تظن بِي الظنونا) |