﴿إِلَيْهِ إِن رَبِّي قريب مُجيب (٦١) قَالُوا يَا صَالح قد كنت فِينَا مرجوا قبل هَذَا أتنهانا أَن نعْبد مَا يعبد آبَاؤُنَا وإننا لفي شكّ مِمَّا تدعونا إِلَيْهِ مريب (٦٢) قَالَ يَا قوم أَرَأَيْتُم إِن كنت على بَيِّنَة من رَبِّي وآتاني مِنْهُ رَحْمَة فَمن ينصرني من الله إِن عصيته فَمَا تزيدونني غير تخسير (٦٣) وَيَا قوم هَذِه نَاقَة الله لكم آيَة فذروها تَأْكُل فِي أَرض الله وَلَا﴾ مُجيب) قريب من الْمُؤمنِينَ، مُجيب لدعائهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا يَا صَالح قد كنت فِينَا مرجوا قبل هَذَا﴾ أَي: قد كُنَّا نرجوا فِيك الْخَيْر، والآن قد يئسنا من خيرك وفلاحك. وَقَوله: ﴿أتنهانا أَن نعْبد مَا يعبد آبَاؤُنَا﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿وإننا لفي شكّ﴾ لفي ريب ﴿مِمَّا تدعونا إِلَيْهِ مريب﴾ أَي: مرتاب. وَهَذَا على طَرِيق التَّأْكِيد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ يَا قوم أَرَأَيْتُم إِن كنت على بَيِّنَة من رَبِّي﴾ أَي: على حجَّة من رَبِّي. وَقَوله تَعَالَى: ﴿وآتاني مِنْهُ رَحْمَة﴾ الرَّحْمَة هَاهُنَا: بِمَعْنى النُّبُوَّة.
وَقَوله: ﴿فَمن ينصرني من الله إِن عصيته﴾ أَي: فَمن يمْنَع مني عَذَاب الله إِن عصيته.
وَقَوله: ﴿فَمَا تزيدونني غير تخسير﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: إِن اتبعتكم مَا كنت إِلَّا كمن يزْدَاد خسارا وهلاكا.
وَالْقَوْل الثَّانِي: فَمَا تزيدونني غير تخسير لكم، وَحَقِيقَته: أَنِّي أطلب مِنْكُم الرشد، وَأَنْتُم تعطونني الخسار والهلاك، يَعْنِي: لأنفسكم.
هَذَا كُله جَوَاب عَن سُؤال من سَأَلَ فِي هَذِه الْآيَة: كَيفَ قَالَ ﴿فَمَا تزيدونني غير تخسير﴾ وَلم يَك صَالح فِي خسار؟
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَيَا قوم هَذِه نَاقَة الله لكم آيَة﴾ روى أَن قومه طلبُوا مِنْهُ أَن يخرج نَاقَة عشراء من هَذِه الصَّخْرَة الصماء، وأشاروا إِلَى صَخْرَة أمامهم، قَالَ: فَدَعَا صَالح ربه فتمخضت الصَّخْرَة وَسمع لَهَا أَنِين كأنين النَّاقة، ثمَّ خرجت مِنْهَا نَاقَة كأعظم مَا