﴿فَأَصْبحُوا فِي دِيَارهمْ جاثمين (٦٧) كَأَن لم يغنوا فِيهَا أَلا إِن ثَمُود كفرُوا رَبهم إِلَّا بعدا لثمود (٦٨) وَلَقَد جَاءَت رسلنَا إِبْرَاهِيم بالبشرى قَالُوا سَلاما قَالَ سَلام فَمَا لبث أَن﴾
وَقَوله: ﴿فَأَصْبحُوا فِي دِيَارهمْ جاثمين﴾ أَي: ميتين. وَيُقَال: إِنَّهُم سقطوا على وُجُوههم موتى عَن آخِرهم، وَمِنْه جثم الطَّائِر. وَمِنْه الْخَبَر الْمَرْوِيّ: " نهى عَن الْمُجثمَة ".
وَقَوله تَعَالَى: ﴿كَأَن لم يغنوا فِيهَا﴾ مَعْنَاهُ: كَأَن لم يقيموا فِيهَا منعمين مسرورين.
وَقَوله: ﴿أَلا إِن ثمودا كفرُوا رَبهم﴾ أَي: برَبهمْ. وَقَوله: ﴿أَلا بعدا لثمود﴾ مَعْنَاهُ كَمَا قدمنَا من قبل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد جَاءَت رسلنَا إِبْرَاهِيم بالبشرى﴾ قَالَ السّديّ: كَانُوا اثنى عشر ملكا. وَقَالَ غَيره: كَانُوا تِسْعَة من الْأَمْلَاك.
وَيُقَال: إِنَّهُم ثَلَاثَة: جِبْرِيل، وَمِيكَائِيل، وإسرافيل. وَقيل: جَاءُوا على صُورَة الْبشر.
وَفِي الْقِصَّة: أَن إِبْرَاهِيم - صلوَات الله عَلَيْهِ - كَانَ لَا يَأْكُل إِلَّا مَعَ الضَّيْف، وَمكث خمس عشرَة لَيْلَة وَلم يَأْته ضيف، ثمَّ جَاءَهُ هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَة. وَقَوله: ﴿بالبشرى﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: بالبشرى بِإسْحَاق، وَالْآخر: بالبشرى بإهلاك قوم لوط.
وَقَوله: ﴿قَالُوا سَلاما﴾ مَعْنَاهُ: قَالُوا سلمنَا سَلاما ﴿قَالَ سَلام﴾ قرئَ بقراءتين: إِحْدَاهمَا: " سَلام " وَهُوَ الْمَعْرُوف، وَالْآخر: " سلم " قِرَاءَة حَمْزَة وَالْكسَائِيّ. أما قَوْله: ﴿سَلام﴾ مَعْنَاهُ: جوابي سَلام، أَو قولي سَلام. أما قَوْله: " سلم " قيل: إِن السّلم وَالسَّلَام بِمَعْنى وَاحِد، كالحل، والحلال، وَالْحرم وَالْحرَام. وَيُقَال: إِن " السّلم " بِمَعْنى