﴿نُرِيد (٧٩) قَالَ لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد (٨٠) قَالُوا يَا لوط إِنَّا رسل رَبك لن يصلوا إِلَيْك فَأسر بأهلك بِقطع من اللَّيْل وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد إِلَّا امْرَأَتك إِنَّه﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد﴾ الْقُوَّة هَاهُنَا: هِيَ الْقُوَّة فِي الْبدن، أَو الْقُوَّة بالأتباع. والركن الشَّديد: المنعة بالعشيرة.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " رحم الله أخي لوطا؛ لقد كَانَ يأوي إِلَى ركن شَدِيد " أَي: إِلَى الله. رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة.
وَعَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: مَا بعث الله بعد ذَلِك نَبيا إِلَّا فِي مَنْعَة من قومه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا يَا لوط إِنَّا رسل رَبك لن يصلوا إِلَيْك﴾. روى أَنهم جَاءُوا وكسروا بَاب لوط وقصدوا الدُّخُول. وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: أَنهم كَانُوا ينازعون مَعَ لوط على الْبَاب، فَقَالَ جِبْرِيل: يَا لوط، افْتَحْ الْبَاب ودعهم يدخلُوا، فَلَمَّا دخلُوا ضرب بجناحه وُجُوههم فعموا كلهم، وَهَذَا معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد راودوه عَن ضَيفه فطمسنا أَعينهم﴾ فَقَالُوا: يَا لوط، لقد جئتنا بِقوم سحرة، سترى مَا تلقى منا غَدا، وَكَانُوا جَاءُوا مسَاء. وَقَوله: ﴿لن يصلوا إِلَيْك﴾ مَعْنَاهُ مَعْلُوم. وَقَوله: ﴿فَأسر بأهلك بِقطع من اللَّيْل﴾ قرئَ: " فسر " من السرى، و " فَأسر " من الْإِسْرَاء؛ والسرى: هُوَ السّير بِاللَّيْلِ. وَقَالَ الشَّاعِر:
(عِنْد الصَّباح يحمد الْقَوْم السرى | وتنجلي عني غيابات الْكرَى) |
وَقَوله:
﴿أسر﴾ من الْإِسْرَاء، والمعنيان وَاحِد. وَقَوله:
﴿بِقطع من اللَّيْل﴾ أَي: بآخر اللَّيْل. وَقيل: إِنَّه السحر الأول. قَالَ الشَّاعِر:
(ونائحة تنوح بِقطع ليل | على ميت بقارعة الصَّعِيد) |
الصفحة التالية