﴿مصيبها مَا أَصَابَهُم إِن موعدهم الصُّبْح أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب (٨١) فَلَمَّا جَاءَ أمرنَا جعلنَا عاليها سافلها وأمطرنا عَلَيْهَا حِجَارَة من سجيل منضود﴾
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد إِلَّا امْرَأَتك﴾ بِالرَّفْع، وَقُرِئَ: " إِلَّا امْرَأَتك " بِالنّصب؛ فَقَوله بِالنّصب مَعْنَاهُ: فَأسر بأهلك إِلَّا امْرَأَتك. وَمن قَرَأَ بِالرَّفْع مَعْنَاهُ: وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد إِلَّا امْرَأَتك؛ فَإِنَّهَا تلْتَفت؛ فَروِيَ أَنَّهَا لما سَمِعت الهدة فِي هَلَاك الْقَوْم التفتت وَرَاءَهَا فأصابها حجر فَمَاتَتْ، وَقد كَانَ الله أَمر لوطا وَأَهله أَن لَا يلتفتوا. وَقَوله: ﴿إِنَّه مصيبها مَا أَصَابَهُم﴾ ظَاهر الْمَعْنى. قَوْله: ﴿إِن موعدهم الصُّبْح﴾ رُوِيَ أَن لوطا - عَلَيْهِ السَّلَام - لما سمع هَذَا من جِبْرِيل قَالَ: يَا جِبْرِيل، أُرِيد أَن تهلكهم الْآن فَقَالَ لَهُ مجيبا: ﴿أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب﴾ ؟
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أمرنَا﴾ أَي: عذابنا. وَقَوله: ﴿جعلنَا عاليها سافلها﴾ رُوِيَ أَن جِبْرِيل جعل جنَاحه تَحت مدائ لوط، وَهِي خمس مَدَائِن، وفيهَا أَرْبَعمِائَة ألف، وَقيل: فِيهَا أَرْبَعَة آلَاف ألف - ثمَّ رفع الْمَدَائِن حَتَّى قربت من السَّمَاء وَسمع أهل السَّمَاء صياح الديكة ونباح الْكلاب، وَرُوِيَ أَنه لم يكفأ لَهُم إِنَاء وَلَا انتبه لَهُم نَائِم، ثمَّ قَلبهَا وأتبعهم الله تَعَالَى بِالْحِجَارَةِ، هَذَا معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿جعلنَا عاليها سافلها وأمطرنا عَلَيْهَا حِجَارَة من سجيل﴾.
وَقَوله: ﴿من سجيل﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: سنك وكل؛ وَكلمَة سجيل فارسية معربة.
وَقيل: إِنَّه كَانَ طينا مطبوخا كالآجر.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن السجيل هُوَ السَّمَاء الدُّنْيَا.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن السجيل هُوَ السجين؛ أبدلت النُّون بِاللَّامِ. وَقيل: إِن السجيل: مَأْخُوذ من السّجل؛ وَهُوَ سجل الدَّلْو. قَالَ الشَّاعِر:



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(وَأَنا الْأَخْضَر من يعرفنِي أَخْضَر الْجلْدَة من بَيت الْعَرَب)