﴿مسومة عِنْد رَبك وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد (٨٣) وَإِلَى مَدين أَخَاهُم شعيبا قَالَ يَا قوم﴾
(من يساجلني يساجل ماجدا | يمْلَأ الدَّلْو إِلَى عقد الكرب) |
وَقَوله: ﴿منضود﴾ مَعْنَاهُ: يتبع بَعْضهَا بَعْضًا.
وَقَوله: ﴿مسومة﴾ أَي: معلمة. وَفِي الْقِصَّة: أَنه كَانَ عَلَيْهَا خطوط حمر فِي سَواد.
وَالْقَوْل الثَّانِي: " مسومة " أَي: عَلَيْهَا أَسمَاء الْقَوْم. وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ: أَنه كَانَ عَلَيْهَا شبه الخواتيم.
قَوْله: ﴿عِنْد رَبك﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد﴾ يَعْنِي: من ظالمي أهل مَكَّة بِبَعِيد.
وَقد رُوِيَ فِي بعض الْآثَار: أَن على رَأس كل ظَالِم حجرا مُعَلّقا فِي السَّمَاء ينْتَظر أَمر الله تَعَالَى. وَهَذَا من الغرائب، وَالله أعلم.
وَفِي بعض الْقَصَص: أَنه كَانَ مِنْهُم رجل فِي الْحرم، فَبَقيَ الْحجر مُعَلّقا فِي السَّمَاء أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى خرج الرجل [وأصابه الْحجر]. وَرُوِيَ أَن الْحجر اتبع شرادهم ومسافريهم أَيْن كَانُوا فِي الْبِلَاد حَتَّى هَلَكُوا.
وَأورد بَعضهم أَن الله تَعَالَى أهلك مَدَائِن لوط سوى زعر، فَإِنَّهُ أبقاها للوط وَأَهله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِلَى مَدين أَخَاهُم شعيبا﴾ قد بَينا أَن الْأُخوة هَاهُنَا هِيَ الْأُخوة فِي النّسَب لَا فِي الدّين. وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه لم يكن بَين شُعَيْب وَأهل مَدين أخوة فِي النّسَب - أَيْضا - وَكَانَ غَرِيبا فيهم، وَإِنَّمَا أَرَادَ بالأخوة المجانسة فِي البشرية. وَالصَّحِيح هُوَ الأول.