﴿ظلمناهم وَلَكِن ظلمُوا أنفسهم فَمَا أغنت عَنْهُم آلِهَتهم الَّتِي يدعونَ من دون الله من شَيْء لما جَاءَ أَمر رَبك وَمَا زادوهم غير تتبيب (١٠١) وَكَذَلِكَ أَخذ رَبك إِذا أَخذ الْقرى وَهِي ظالمة إِن أَخذه أَلِيم شَدِيد (١٠٢) إِن فِي ذَلِك لآيَة لمن خَافَ عَذَاب الْآخِرَة ذَلِك يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس وَذَلِكَ يَوْم مشهود (١٠٣) وَمَا نؤخره إِلَّا لأجل مَعْدُود (١٠٤) يَوْم﴾ عَلَيْك ﴿مِنْهَا قَائِم وحصيد﴾ أَي: مِنْهَا معمور وخراب. وَقيل مَعْنَاهُ: مِنْهَا قَائِم أَي: بقيت الْحِيطَان، وَسَقَطت السقوف. وَمِنْهَا حصيد: أَي: انمحى أَثَره.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا ظلمناهم وَلَكِن ظلمُوا أنفسهم﴾ قد بَيناهُ من قبل. وَقَوله: ﴿فَمَا أغنت عَنْهُم آلِهَتهم الَّتِي يدعونَ من دون الله من شَيْء لما جَاءَ أَمر بك﴾ يَعْنِي: بِالْعَذَابِ. وَقَوله: ﴿وَمَا زادوهم غير تتبيب﴾ أَي: غي تخسير. وَقيل: غير تدمير.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ أَخذ رَبك إِذْ أَخذ الْقرى وَهِي ظالمة﴾ وَجه التَّشْبِيه أَن أَخذه هَؤُلَاءِ فِي حَال الظُّلم والشرك كأخذه أهل الْقرى حِين كَانُوا فِي مثل حَالهم من الظُّلم والشرك. وَقَوله: ﴿إِن أَخذه أَلِيم شَدِيد﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إِن الله بمهل الظَّالِم - أَو يملي الظَّالِم - حَتَّى إِذا أَخذه لم يفلته " ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ أَخذ رَبك إِذا أَخذ الْقرى وَهِي ظالمة﴾ وَالْخَبَر فِي " الصَّحِيحَيْنِ " بِرِوَايَة أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَة﴾ مَعْنَاهُ: لعبرة ﴿لمن خَافَ عَذَاب الْآخِرَة﴾ ظَاهر الْمَعْنى ﴿ذَلِك يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس﴾ يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة يجمع الله فِيهِ الْأَوَّلين والآخرين ﴿وَذَلِكَ يَوْم مشهود﴾ يَعْنِي: يشهده جَمِيع الْخلق. وَقيل: أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا نؤخره إِلَّا لأجل مَعْدُود﴾ يَعْنِي: إِلَّا لوقت مَعْلُوم عِنْد الله لَا