﴿فَأَما الَّذين شَقوا فَفِي النَّار لَهُم فِيهَا زفير وشهيق (١٠٦) ﴾
وَقد صَحَّ عَن النَّبِي أَنه قَالَ فِي خبر ملك الْأَرْحَام: " إِنَّه إِذا كتب أَجله وَعَمله ورزقه يَقُول: يَا رب، أشقي أم سعيد؟ فَيَقُول الله تَعَالَى، وَيكْتب الْملك ". خرجه مُسلم.
وروى ابْن عمر عَن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - " أَنه لما نزل قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمنهمْ شقي وَسَعِيد﴾ قَالَ عمر: يَا رَسُول الله: فيمَ الْعَمَل؟ أنعمل فِي أَمر قد فرغ مِنْهُ وَجَرت بِهِ الأقلام، أَو فِي أَمر لم يفرغ مِنْهُ؟ فَقَالَ: بل فِي أَمر قد فرغ مِنْهُ وَجَرت بِهِ الأقلام يَا عمر، وَلَكِن كل ميسر لما خلق لَهُ ". أوردهُ أَبُو عِيسَى فِي جَامعه.
وَقَالَ بَعضهم: إِن السَّعَادَة والشقاوة هَاهُنَا فِي الرزق والحرمان. وَقَالَ بَعضهم: الشقاوة: بِالْعَمَلِ السيء، والسعادة: بِالْعَمَلِ الْحسن. والمأثور الصَّحِيح هُوَ الأول.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَما الَّذين شَقوا فَفِي النَّار لَهُم فِيهَا زفير وشهيق﴾ هَذِه الْآيَة تعد من مشكلات الْقُرْآن، وَقد أَكثر الْعلمَاء فِيهَا الْأَقْوَال، وَنَذْكُر مَا يعْتَمد عَلَيْهِ:
أما الزَّفِير: قيل: إِنَّه صَوت فِي الْحلق، والشهيق: صَوت فِي الْجوف. وَيُقَال: إِن الزَّفِير: أول نهاق الْحمير، والشهيق: آخر نهاق الْحمير.
وَقَوله: ﴿خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ أما بِالْمَعْنَى الْمَأْثُور: روى الضَّحَّاك، عَن ابْن عَبَّاس: أَن الْآيَة نزلت فِي قوم من الْمُؤمنِينَ يدخلهم الله تَعَالَى النَّار، ثمَّ يخرجهم مِنْهَا إِلَى الْجنَّة، ويسمون الجهنميين. وَقد ثَبت بِرِوَايَة جَابر أَن النَّبِي