﴿مَا شَاءَ رَبك عَطاء غير مجذوذ (١٠٨) فَلَا تَكُ فِي مرية مِمَّا يعبد هَؤُلَاءِ مَا يعْبدُونَ إِلَّا كَمَا يعبد آباؤهم من قبل وَإِنَّا لموفوهم نصِيبهم غير مَنْقُوص (١٠٩) وَلَقَد آتَيْنَا﴾
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن معنى قَوْله: ﴿خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ أَي: مَا دَامَ سموات الْجنَّة وأرضها. وَقَوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبك﴾ الِاسْتِثْنَاء وَاقِف على زمَان الْوُقُوف فِي الْقِيَامَة وَمُدَّة الْمكْث فِي الْقَبْر.
وَقيل فِي الِاسْتِثْنَاء قَول ثَالِث وَهُوَ: أَنه قَالَ: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبك﴾ مَعْنَاهُ: وَلَو شَاءَ لقطع التخليد عَلَيْهِم، وَلَكِن لَا يَشَاء، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا [يكون] لنا ان نعود فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين، وَلَكِن لَا يَشَاء الله. وَقَوله: {إِن رَبك فعال لما يرد﴾ يَعْنِي: لَا يمْتَنع عَلَيْهِ شَيْء، وَقَالَ فِي الْآيَة الثَّانِيَة: ﴿عَطاء غير مجذوذ﴾ غير مَقْطُوع.
وَفِي بعض التفاسير عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: يَأْتِي على جَهَنَّم زمَان لَا يبْقى فِيهَا أحد. وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَرِيبا من هَذَا.
وَمعنى هَذَا عِنْد أهل السّنة - إِن ثَبت - أَن المُرَاد مِنْهُ الْموضع الَّذِي فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ من النَّار، ثمَّ يخرجُون عَنهُ فَلَا يبْقى فِيهَا أحد، وَأما مَوَاضِع الْكفَّار فَهِيَ ممتلئة بهم أَبَد الْأَبَد على مَا نطق بِهِ الْكتاب وَالسّنة، نَعُوذ بِاللَّه من النَّار.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا تَكُ فِي مرية﴾ فِي شكّ ﴿مِمَّا يعبد هَؤُلَاءِ﴾ يُقَال: إِن الْخطاب مَعَه وَالْمرَاد مِنْهُ الْأمة. وَقَوله: ﴿مَا يعْبدُونَ إِلَّا كَمَا يعبد آباؤهم من قبل﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿وَإِنَّا لموفوهم نصِيبهم غير مَنْقُوص﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس مَعْنَاهُ: لموفوهم نصِيبهم من الْخَيْر وَالشَّر بِلَا نُقْصَان.


الصفحة التالية
Icon