﴿هَذِه الْحق وموعظة وذكرى للْمُؤْمِنين (١٢٠) وَقل للَّذين لَا يُؤمنُونَ اعْمَلُوا على مكانتكم إِنَّا عاملون (١٢١) وَانْتَظرُوا إِنَّا منتظرون (١٢٢) وَللَّه غيب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَإِلَيْهِ يرجع الْأَمر كُله فاعبده وتوكل عَلَيْهِ وَمَا رَبك بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٢٣) ﴾
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وكلا نقص عَلَيْك من أنباء الرُّسُل مَا نثبت بِهِ فُؤَادك﴾ مَعْنَاهُ: وكل الَّذِي تحْتَاج إِلَيْهِ من أنباء الرُّسُل نَقصهَا عَلَيْك؛ لثبت بهَا فُؤَادك. فَإِن قيل: قد كَانَ فُؤَاده ثَابتا فأيش معنى قَوْله: ﴿لنثبت بِهِ فُؤَادك﴾ ؟
قُلْنَا مَعْنَاهُ: لتزداد ثباتا، وَهَذَا مثل قَوْله تَعَالَى فِي قصَّة إِبْرَاهِيم: ﴿وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي﴾.
وَقَوله: ﴿وجاءك فِي هَذِه الْحق﴾ الْأَكْثَرُونَ أَن مَعْنَاهُ: وجاءك فِي هَذِه السُّورَة الْحق. وَقَالَ بَعضهم: وجاءك فِي هَذِه الدُّنْيَا الْحق.
فَإِن قيل: أَي فَائِدَة فِي تَخْصِيص هَذِه السُّورَة وَقد جَاءَهُ الْحق فِي كل سُورَة؟
قُلْنَا: فَائِدَته: تشريف السُّورَة، وتشريفها بالتخصيص لَا يدل على انه لم يَأْته الْحق فِي غَيرهَا، أَلا ترى أَن الْإِنْسَان يَقُول: فلَان فِي الْحق إِذا حَضَره الْمَوْت، وَإِن كَانَ فِي الْحق قبله وَبعده.
قَوْله: ﴿وموعظة﴾ مَعْنَاهُ: وجاءتك موعظة ﴿وذكرى للْمُؤْمِنين﴾ أَي: وتذكير للْمُؤْمِنين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقل للَّذين لَا يُؤمنُونَ اعْمَلُوا على مكانتكم إِنَّا عاملون﴾ معنى الْآيَة: هُوَ التهديد والوعيد على مَا بَينا من قبل.
وَقَوله: ﴿وَانْتَظرُوا إِنَّا منتظرون﴾ فِي معنى الْآيَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَللَّه غيب السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ أَي: وَللَّه علم مَا غَابَ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض.
وَقَوله: ﴿وَإِلَيْهِ يرجع الْأَمر كُله فاعبده وتوكل عَلَيْهِ﴾ مَعْنَاهُ: إِلَيْهِ يرجع أَمر الْعباد فيجازيهم على الْخَيْر وَالشَّر ﴿وَمَا رَبك بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ يَعْنِي: أَنه لَا يغيب عَنهُ شَيْء من أَعمال الْعباد وَإِن صغر، وَالله أعلم.