﴿وربكم إِنَّه من يُشْرك بِاللَّه فقد حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة ومأواه النَّار وَمَا للظالمين من أنصار (٧٢) لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة وَمَا من إِلَه إِلَّا إِلَه وَاحِد وَإِن لم ينْتَهوا عَمَّا يَقُولُونَ ليمسن الَّذين كفرُوا مِنْهُم عَذَاب أَلِيم (٧٣) أَفلا يتوبون إِلَى الله ويستغفرونه وَالله غَفُور رَحِيم (٧٤) مَا الْمَسِيح ابْن مَرْيَم إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله﴾
﴿وَقَالَ الْمَسِيح يَا بني إِسْرَائِيل اعبدوا الله رَبِّي وربكم إِنَّه من يُشْرك بِاللَّه فقد حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة ومأواه النَّار﴾ روى أَبُو سُفْيَان طَلْحَة بن نَافِع عَن جَابر: " أَن النَّبِي سُئِلَ مَا الموجبتان؟ فَقَالَ: من وحد الله؛ لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا؛ وَجَبت لَهُ الْجنَّة، وَمن أشرك بِاللَّه؛ وَجَبت لَهُ النَّار " ﴿وَمَا للظاليمن من أنصار﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة﴾ فِيهِ حذف، أَي: ثَالِث ثَلَاثَة آلِهَة، وَلَا بُد من هَذَا التَّقْدِير؛ لِأَنَّهُ يجوز أَن يُقَال: هُوَ ثَالِث ثَلَاثَة، كَمَا قَالَ: ﴿مَا يكون من نجوى ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ رابعهم﴾، وَقَوله: ﴿ثَالِث ثَلَاثَة﴾ هُوَ قَوْلهم: أَب، وَابْن وروح الْقُدس، وَهَذَا قَول اليعقوبية مِنْهُم، وَقَالُوا: روح الْقُدس لَا هُوَ وَلَا غَيره، وَكَذَلِكَ الابْن، وَالله مَجْمُوع الْكل ﴿وَمَا من إِلَه إِلَّا إِلَه وَاحِد وَإِن لم ينْتَهوا عَمَّا يَقُولُونَ ليمسن الَّذين كفرُوا﴾ أَي: ليصيبن الَّذين ﴿كفرُوا مِنْهُم عَذَاب أَلِيم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفلا يتوبون إِلَى الله ويستغفرونه﴾ أرشدهم إِلَى التَّوْبَة وَالْإِسْلَام ﴿وَالله غَفُور رَحِيم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا الْمَسِيح ابْن مَرْيَم إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله﴾ أَي: مَضَت، وَسميت الْأَيَّام الْمَاضِيَة خَالِيَة؛ لخلوها، وَمعنى هَذَا: أَنا أرسلنَا عِيسَى كَمَا أرسلنَا غَيره [وأعطيناه] من المعجزات مَا أعطينا غَيره من الرُّسُل ﴿وَأمه صديقَة﴾ وَالصديق: كثير الصدْق، وَهُوَ للْمُبَالَغَة، وَمِنْه سمى أَبُو بكر [الصّديق]- رَضِي الله عَنهُ -: صديقا، وَقيل: سمي صديقا؛ لِأَنَّهُ قيل لَهُ: إِن صَاحبك يَقُول: أسرى بِي إِلَى السَّمَاء فَقَالَ: إِن (هُوَ قَالَ) ذَلِك فقد صدق.


الصفحة التالية
Icon