﴿برَبهمْ يعدلُونَ (١) هُوَ الَّذِي خَلقكُم من طين ثمَّ قضى أَََجَلًا وَأجل مُسَمّى عِنْده ثمَّ أَنْتُم تمترون (٢) وَهُوَ الله فِي السَّمَوَات وَفِي الأَرْض يعلم سركم وجهركم وَيعلم مَا تكسبون (٣) وَمَا تأتيهم من آيَة من آيَات رَبهم إِلَّا كَانُوا عَنْهَا معرضين (٤) فقد﴾
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿هُوَ الَّذِي خَلقكُم من طين﴾ هُوَ مَا بَينا أَن الله - تَعَالَى - أَمر ملك الْمَوْت حَتَّى قبض قَبْضَة من تُرَاب؛ فخلق مِنْهَا آدم - صلوَات الله عَلَيْهِ - فَهَذَا معنى قَوْله: ( ﴿هُوَ الَّذِي خَلقكُم من طين﴾ ثمَّ قضى أَََجَلًا وَأجل مُسَمّى عِنْده) قَالَ ابْن عَبَّاس: الْأَجَل الأول: من الْولادَة إِلَى الْمَوْت، وَالْأَجَل الثَّانِي: من الْمَوْت إِلَى الْبَعْث وَقَالَ أَيْضا: لكل أحد أجلان: أجل إِلَى الْمَوْت، وَأجل من الْمَوْت إِلَى الْبَعْث، فَإِن كَانَ برا وصُولا للرحم؛ زيد لَهُ من أجل الْبَعْث فِي أجل الْعُمر، وَإِن كَانَ غير ذَلِك، نقص من أجل الْعُمر، وَزيد ذَلِك فِي أجل الْبَعْث.
وَقيل: الْأَجَل الأول: أجل الدُّنْيَا كَمَا بَينا، وَالْأَجَل الثَّانِي من ابْتِدَاء الْآخِرَة، وَذَلِكَ مُسَمّى عِنْد الله لَا يُعلمهُ غَيره ﴿ثمَّ أَنْتُم تمترون﴾ تشكون.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَهُوَ الله فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض يعلم سركم وجهركم﴾ قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: مَعْنَاهُ: وَهُوَ الله المعبود فِي السَّمَوَات وَفِي الأض، وَقَالَ غَيره: تَقْدِيره: وَهُوَ الله يعلم سركم وجهركم فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض، وَهُوَ قَول الزّجاج ﴿وَيعلم مَا تكسبون﴾ الْكسْب: كل عمل يعمله الْإِنْسَان بكده؛ لجلب نفع، أَو دفع ضرّ، وَلذَلِك لَا يُوصف فعل الله بِالْكَسْبِ؛ لِأَنَّهُ فعله برِئ عَن جلب الْمَنَافِع وَدفع المضار.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَمَا تأتيهم من آيَة من آيَات رَبهم إِلَّا كَانُوا عَنْهَا معرضين﴾ أَرَادَ بِهَذِهِ الْآيَة: انْشِقَاق الْقَمَر؛ فَإِن الْكفَّار سَأَلُوا رَسُول الله أَن يَأْتِيهم بِآيَة؛ فَقَالَ عَلَيْهِ [الصَّلَاة و] السَّلَام - مَاذَا تُرِيدُونَ؟ فاقترحوا انْشِقَاق الْقَمَر، فَأَتَاهُم بِهِ، فَكَفرُوا وأعرضوا.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿فقد كذبُوا بِالْحَقِّ لما جَاءَهُم﴾ يَعْنِي: مَا ذكرنَا {فَسَوف