﴿وَالْأَرْض قل لله كتب على نَفسه الرَّحْمَة ليجمعنكم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا ريب فِيهِ الَّذين خسروا أنفسهم فهم لَا يُؤمنُونَ (١٢) وَله مَا سكن فِي اللَّيْل وَالنَّهَار وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم (١٣) قل أغير الله اتخذ وليا فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض وَهُوَ يطعم وَلَا يطعم قل إِنِّي﴾
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿قل لمن مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض قل لله﴾ أَمر بِالْجَوَابِ عقيب السُّؤَال؛ ليَكُون أبلغ فِي التَّأْثِير، وآكد فِي الْحجَّة؛ لِأَن من سَأَلَ غَيره عَن شَيْء ثمَّ عقبه بِالْجَوَابِ كَانَ ذَلِك أبلغ تَأْثِيرا ﴿كتب على نَفسه الرَّحْمَة﴾ أَي: (قضى)، وَقد صَحَّ بِرِوَايَة أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله قَالَ: " إِن الله كتب كتابا قبل خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض، فَهُوَ عِنْده فَوق عَرْشه: سبقت رَحْمَتي غَضَبي ".
﴿ليجمعنكم﴾ اللَّام لَام الْقسم أَي: وَالله ليجمعنكم. ﴿إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا ريب فِيهِ﴾ أَي: لَا شكّ فِيهِ ﴿الَّذين خسروا أنفسهم﴾ غبنوا أنفسهم ﴿فهم لَا يُؤمنُونَ﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَله مَا سكن فِي اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ وَقيل: فِيهِ حذف، وَتَقْدِيره: وَله مَا سكن وَمَا تحرّك، وَقيل: هُوَ السّكُون خَاصَّة، وَإِنَّمَا خص السّكُون؛ لِأَن النِّعْمَة فِي السّكُون أَكثر مِنْهَا فِي الْحَرَكَة ﴿وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿قل أغير الله اتخذ وليا فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ الفاطر: الْخَالِق، المنشئ لِلْخلقِ، قَالَ الْأَصْمَعِي: مَا كنت أعرف معنى الفاطر، حَتَّى أختصم إِلَى أعربيان فِي بِئْر؛ فَقَالَ أَحدهمَا: أَنا فطرته، وَقَالَ الآخر: أَنا فطرته؛ فَعرفت أَنه [إنْشَاء] الْخلق ﴿وَهُوَ يطعم وَلَا يطعم﴾ قَرَأَ الْأَعْمَش: " وَهُوَ يطعم وَلَا يطعم " بِفَتْح الْيَاء، أَي: يُؤْكَل وَلَا يَأْكُل، وَأما الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة، فَمَعْنَاه: وَهُوَ يرْزق وَلَا يرْزق.
﴿قل إِنِّي أمرت أَن أكون أول من أسلم﴾ يَعْنِي: من هَذِه الْأمة، وَالْإِسْلَام يَعْنِي الاستسلام لأمر الله - تَعَالَى - ﴿وَلَا تكونن من الْمُشْركين﴾ وَهُوَ وَإِن كَانَ مَعْصُوما


الصفحة التالية
Icon