﴿كل شَيْء قدير (١٧) وَهُوَ القاهر فَوق عباده وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير (١٨) قل أَي شَيْء أكبر شَهَادَة قل الله شَهِيد بيني وَبَيْنكُم وأوحي إِلَيّ هَذَا الْقُرْآن لأنذركم بِهِ وَمن بلغ أئنكم لتشهدون أَن مَعَ الله آلِهَة أُخْرَى قل لَا أشهد قل إِنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِد وإنني بَرِيء مِمَّا تشركون (١٩) الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يعرفونه كَمَا يعْرفُونَ أَبْنَاءَهُم الَّذين خسروا﴾
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَهُوَ القاهر فَوق عباده﴾ القاهر: الْغَالِب الَّذِي لَا يغلب، وَقيل: هُوَ الْمُنْفَرد بِالتَّدْبِيرِ، يجْبر الْخلق على مُرَاده، وَقَوله: ﴿فَوق عباده﴾ هُوَ صفة الاستعلاء الَّذِي لله - تَعَالَى - الَّذِي يعرفهُ أهل السّنة ﴿وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿قل أَي شَيْء أكبر شَهَادَة﴾ سَبَب هَذَا: أَن الْكفَّار قَالُوا: يَا مُحَمَّد، من يشْهد لَك بِالصّدقِ؟ فَنزلت الْآيَة: ﴿قل أَي شَيْء أكبر شَهَادَة﴾ يَعْنِي: من الله، وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا على أَن الله شَيْء. ﴿قل الله شَهِيد بيني وَبَيْنكُم﴾ أَي: يشْهد لي بِالْحَقِّ، وَعَلَيْكُم بِالْبَاطِلِ.
﴿وأوحي إِلَيّ هَذَا الْقُرْآن لأنذركم بِهِ وَمن بلغ﴾ أَي: وَمن بلغه الْقُرْآن إِلَى قيام السَّاعَة، وَفِي الْخَبَر عَن النَّبِي: " نضر الله وَجه امْرِئ سمع مني مقَالَة، فوعاها، ثمَّ بلغَهَا؛ فَرب مبلغ أوعى من سامع " وَقيل: مَعْنَاهُ: لأنذركم بِهِ، يَعْنِي: الْعَرَب، وَمن بلغ، يَعْنِي: الْعَجم.
﴿أئنكم لتشهدون أَن مَعَ الله آلِهَة أُخْرَى قل لَا أشهد قل إِنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِد وإنني بَرِيء مِمَّا تشركون﴾ أمره بِالْجَوَابِ عقيب السُّؤَال لما بَينا.
﴿الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يعرفونه﴾ قيل: أَرَادَ بِهِ: مُحَمَّدًا، وَقيل: أَرَادَ بِهِ: الْقُرْآن يعرفونه ﴿كَمَا يعْرفُونَ أَبْنَاءَهُم﴾.