( ﴿٢٥) وهم ينهون عَنهُ وينئون عَنهُ وَإِن يهْلكُونَ إِلَّا أنفسهم وَمَا يَشْعُرُونَ (٢٦) وَلَو﴾ وَكَانَ مِمَّن يستمع الْقُرْآن؛ فَقَالُوا لَهُ: مَا تَقول فِي هَذَا؟ قَالَ: إِن هَذَا إِلَّا أساطير الْأَوَّلين، مثل أقاصيص رستم واسفنديار، وصحف الْأَوَّلين، قَالَ ثَعْلَب: الأساطير: جمع الأسطورة، وَهِي الْمَكْتُوبَة.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وهم ينهون عَنهُ وينئون عَنهُ﴾ أَي: ينهون النَّاس عَن اتِّبَاع مُحَمَّد، وتباعدون عَنهُ بِأَنْفسِهِم، وَقيل: معنى قَوْله ﴿ينهون عَنهُ﴾ أَي: يَذبُّونَ عَنهُ، وَيمْنَعُونَ النَّاس عَن أَذَاهُ ﴿وينئون عَنهُ﴾ أَي: يتباعدون عَن الْإِيمَان بِهِ، وَذَلِكَ مثل أبي طَالب، كَانَ يذب عَنهُ حَال حَيَاته، قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ فِي أبي طَالب. حَتَّى روى أَنه اجْتمع عَلَيْهِ رُؤَسَاء قُرَيْش، وَقَالُوا لَهُ: اختر شَابًّا من أَصْحَابنَا وجيها، واتخذه ابْنا لَك، وادفع إِلَيْنَا مُحَمَّدًا؛ فَقَالَ أَبُو طَالب: مَا أنصفتموني، أدفَع إِلَيْكُم وَلَدي ليقْتل، وأربي ولدكم؟ !
وروى أَنه قَالَ لرَسُول الله: " لَوْلَا أَن قُريْشًا تعيرني لأقررت عَيْنك بِالْإِيمَان "، وَكَانَ يذب عَنهُ إِلَى أَن توفّي، وروى: " أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وهم ينهون عَنهُ وينئون عَنهُ﴾ فَقَالَ أَبُو طَالب: أما أَن أَدخل فِي دينك فَلَا أَدخل أبدا، وَلَكِنِّي أذب عَنْك مَا حييت "، وَله فِيهِ أَبْيَات:
(وَالله لن يصلوا إِلَيْك بِجَمْعِهِمْ | حَتَّى أُوَسَّد فِي التُّرَاب دَفِينا) |
(فَاصْدَعْ بِأَمْرك مَا عَلَيْك غَضَاضَة | وأبشر بِذَاكَ وقر مِنْك عيُونا) |
(وَدَعَوْتنِي وَعلمت أَنَّك ناصحي | وصدقتني ولكنت ثمَّ أَمينا) |