﴿ترى إِذْ وقفُوا على النَّار فَقَالُوا يَا ليتنا نرد وَلَا نكذب بآيَات رَبنَا ونكون من الْمُؤمنِينَ (٢٧) بل بدا لَهُم مَا كَانُوا يخفون من قبل وَلَو ردوا لعادوا لما نهوا عَنهُ وَإِنَّهُم﴾

(وَلَقَد علمت بِأَن دين مُحَمَّد من خير أَدْيَان الْبَريَّة دينا)
(لَوْلَا الْمَلَامَة أَو حذار مسَبَّة لَوَجَدْتنِي سَمحا بِذَاكَ مُبينًا)
﴿وَإِن يهْلكُونَ إِلَّا أنفسهم﴾ أَي: لَا يرجع وبال فعلهم إِلَّا إِلَيْهِم ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَلَو ترى إِذْ وقفُوا على النَّار﴾ أَي: دخلُوا النَّار، (وَقيل: عرضوا على النَّار)، وَالْوُقُوف: الِاطِّلَاع على حَقِيقَة الشَّيْء ﴿فَقَالُوا يَا ليتنا نرد﴾ إِلَى الدُّنْيَا ﴿وَلَا نكذب بآيَات رَبنَا﴾ قَالَ سِيبَوَيْهٍ: هُوَ ابْتِدَاء كَلَام، يَعْنِي: لَا نكذب أبدا، رددنا أَو لم نرد، وَقَالَ غَيره: هُوَ على نسقه، أَي: يَا ليتنا نرد وَلَا نكذب بآيَات رَبنَا، أَي: لَا نكفر بعد الرَّد إِلَى الدُّنْيَا ﴿ونكون من الْمُؤمنِينَ﴾ وَيقْرَأ " ونكون " بِنصب النُّون، وَتَقْدِيره: ولنكون من الْمُؤمنِينَ.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿بل بدا لَهُم﴾ قَوْله: " بل " بحتة، رد لما قَالُوا، وَقَوله: ﴿بدا لَهُم مَا كَانُوا يخفون من قبل﴾ أَي: ظهر لَهُم مَا أخفوا من قبل من تبرئهم عَن الشّرك بقَوْلهمْ: وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين؛ وَذَلِكَ أَنهم إِذا قَالُوا ذَلِك؛ يخْتم الله على أَفْوَاههم، وتنطق جوارحهم بشركهم؛ فيبدو لَهُم مَا كَانُوا يخفون من قبل.
﴿وَلَو ردوا لعادوا لما نهوا عَنهُ﴾ أَي: وَلَو ردوا إِلَى الدُّنْيَا لعادوا إِلَى الْكفْر، والشرك بِاللَّه ﴿وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ﴾ يَعْنِي: فِي قَوْلهم ﴿يَا ليتنا نرد لَا نكذب بآيَات رَبنَا﴾ وَفِي الْأَخْبَار: " أَن الله تَعَالَى يعْتَذر إِلَى آدم يَوْم الْقِيَامَة بِثَلَاث معاذير، أَحدهَا هَذَا بقوله: إِنِّي لَا أَدخل من ذريتك النَّار إِلَّا من أعلم أَنِّي لَو رَددته إِلَى الدُّنْيَا سبعين


الصفحة التالية
Icon