﴿يحكم لَا معقب لحكمه وَهُوَ سريع الْحساب (٤١) وَقد مكر الَّذين من قبلهم فَللَّه الْمَكْر جَمِيعًا يعلم مَا تكسب كل نفس وَسَيعْلَمُ الْكفَّار لمن عُقبى الدَّار (٤٢) وَيَقُول الَّذين كفرُوا لست مُرْسلا قل كفى بِاللَّه شَهِيدا بيني وَبَيْنكُم وَمن عِنْده علم الْكتاب (٤٣) ﴾ الْكَلَام: الْأَشْرَاف على الْأَطْرَاف ليقرب مِنْهُم الأضياف. وَقَوله: ﴿وَالله يحكم لَا معقب لحكمه﴾ أَي: لَا راد وَلَا نَاقص لحكمه ﴿وَهُوَ سريع الْحساب﴾ مَعْلُوم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقد مكر الَّذين من قبلهم﴾ الْمَكْر: إِيصَال الْمَكْرُوه إِلَى الْإِنْسَان من حَيْثُ لَا يشْعر. قَوْله ﴿فَللَّه الْمَكْر جَمِيعًا﴾ أَي عِنْد الله جَزَاء مَكْرهمْ جَمِيعًا. وَقيل إِن الله خَالق مَكْرهمْ جَمِيعًا. وَقَوله: ﴿يعلم مَا تكسب كل نفس﴾ ظَاهر الْمَعْنى ﴿وَسَيعْلَمُ الْكفَّار لمن عُقبى الدَّار﴾ لمن عَاقِبَة الدَّار، وَالْآيَة تهديد ووعيد. وَقَوله: ﴿وَيَقُول الَّذين كفرُوا لست مُرْسلا﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿قل كفى بِاللَّه شَهِيدا﴾ أَي: شَاهدا ﴿بيني وَبَيْنكُم﴾.
وَقَوله: ﴿وَمن عِنْده علم الْكتاب﴾ قَالَ قَتَادَة: هُوَ عبد الله بن سَلام، وَقيل: عبد الله بن سَلام وسلمان الْفَارِسِي وَتَمِيم الدَّارِيّ، وعَلى هَذَا جمَاعَة من التَّابِعين، وَأنكر الشّعبِيّ وَعِكْرِمَة وَجَمَاعَة هَذَا القَوْل، وَقَالُوا: السُّورَة مَكِّيَّة، وَعبد الله بن سَلام أسلم بِالْمَدِينَةِ، وَأَيْضًا فَإِن الله تَعَالَى كَيفَ يستشهد بمخلوق، وَإِنَّمَا المُرَاد مِنْهُ هُوَ الله تَعَالَى. وَقد قَرَأَ ابْن عَبَّاس: " وَمن عِنْده علم الْكتاب " وَهَذَا يبين أَن المُرَاد [مِنْهُ] هُوَ الله تَعَالَى.
وعنى عبد الله بن سَلام نَفسه، قَالَ: أَنا المُرَاد بِالْآيَةِ.
وَعَن الْحسن وَمُجاهد أَن المُرَاد هُوَ الله.
وَسَعِيد بن جُبَير قَالَ: هُوَ جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - وَالصَّحِيح أحد الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلين، وَالله أعلم.