﴿ذَلِكُم بلَاء من ربكُم عَظِيم (٦) وَإِذ تَأذن ربكُم لَئِن شكرتم لأزيدنكم وَلَئِن كَفرْتُمْ إِن عَذَابي لشديد (٧) وَقَالَ مُوسَى إِن تكفرُوا أَنْتُم وَمن فِي الأَرْض جَمِيعًا فَإِن الله لَغَنِيّ حميد (٨) ألم يأتكم نبأ الَّذين من قبلكُمْ قوم نوح وَعَاد وَثَمُود وَالَّذين من﴾ الْعَذَاب هُوَ الذّبْح.
وَقَوله: ﴿ويستحيون نساءكم﴾ يَعْنِي: يتركون قتل النِّسَاء، وَفِي الْخَبَر: " اقْتُلُوا شُيُوخ الْمُشْركين، واستحيوا شرخهم ". ﴿وَفِي ذَلِكُم بلَاء من ربكُم عَظِيم﴾ قيل: إِن الْبلَاء هُوَ المحنة، وَقيل: إِن الْبلَاء هُوَ النِّعْمَة، وَمَوْضِع النِّعْمَة فِي الإنجاء من الْبلَاء، وَقيل مَعْنَاهُ: اختبار من الله عَظِيم.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَإِذ تَأذن ربكُم﴾ أَي: أعلم ربكُم، والتأذين: الْإِعْلَام، والأذين والمؤذن هُوَ الْمعلم، قَالَ الشَّاعِر:

(وَلم (تشعر) بضوء الصُّبْح حَتَّى سمعنَا فِي مَسَاجِدنَا الأذينا)
وَقَوله: ﴿لَئِن شكرتم لأزيدنكم﴾ الشُّكْر هُوَ الِاعْتِرَاف بِالنعْمَةِ على وَجه الخضوع للمنعم. وَقد حُكيَ عَن دَاوُد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: يَا رب، كَيفَ أشكرك وَلم أؤد شكرك إِلَّا بِنِعْمَة جَدِيدَة عَليّ. فَقَالَ: يَا دَاوُد، الْآن شكرتني.
وَرُوِيَ أَن النَّبِي قَالَ لَهُ رجل: أوصني يَا رَسُول الله، فَقَالَ: " عَلَيْك بالشكر فَإِنَّهُ زِيَادَة ". وَمعنى الْآيَة: لَئِن شكرتموني بِالتَّوْحِيدِ لأزيدنكم نعْمَة الْآخِرَة على نعْمَة الدُّنْيَا. وَقيل: لَئِن شكرتم بِالطَّاعَةِ لأزيدنكم فِي الثَّوَاب.
وَقَوله: ﴿وَلَئِن كَفرْتُمْ﴾ جحدتم. ﴿إِن عَذَابي لشديد﴾ لعَظيم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ مُوسَى إِن تكفرُوا أَنْتُم وَمن فِي الأَرْض جَمِيعًا فَإِن الله لَغَنِيّ حميد﴾ أَي: غَنِي عَن خلقه، حميد فِي فعله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ألم يأتكم نبأ الَّذين من قبلكُمْ﴾ أَي: خبر الَّذين من قبلكُمْ.


الصفحة التالية
Icon