( ﴿١١) وَمَا لنا أَلا نتوكل على الله وَقد هدَانَا سبلنا ولنصبرن على مَا آذيتمونا وعَلى الله فَليَتَوَكَّل المتوكلون (١٢) وَقَالَ الَّذين كفرُوا لرسلهم لنخرجنكم من أَرْضنَا أَو لتعودن فِي ملتنا فَأوحى إِلَيْهِم رَبهم لَنهْلكَنَّ الظَّالِمين (١٣) ولنسكننكم الأَرْض من بعدهمْ ذَلِك لمن خَافَ مقَامي وَخَافَ وَعِيد (١٤) واستفتحوا وخاب كل جَبَّار عنيد (١٥) من﴾ أَي: بِأَمْر الله. ﴿وعَلى الله فَليَتَوَكَّل الْمُؤْمِنُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا لنا أَلا نتوكل على الله﴾ مَعْنَاهُ: وَأي شَيْء لنا فِي أَلا نتوكل على الله؛ وَقد عرفنَا أَنه لَا ينَال شَيْء بِجهْد إِلَّا بعد أَن يَقْضِيه الله تَعَالَى ويقدره. وَقَوله: ﴿وَقد هدَانَا سبلنا﴾ أَي: أرشدنا إِلَى سبل الْحق.
وَقَوله: ﴿ولنصبرن على مَا آذيتمونا﴾ وَالْآيَة تَعْلِيم الْمُؤمنِينَ وإرشادهم إِلَى الصَّبْر على أَذَى مخالفي الْحق. قَوْله: ﴿وعَلى الله فَليَتَوَكَّل المتوكلون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿وَقَالَ الَّذين كفرُوا لرسلهم لنخرجنكم من أَرْضنَا أَو لتعودن فِي ملتنا﴾ قد بَينا هَذَا فِي سُورَة الْأَعْرَاف، وَهُوَ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿أَو لتعودن فِي ملتنا﴾.
وَقَوله: ﴿فَأوحى إِلَيْهِم رَبهم لَنهْلكَنَّ الظَّالِمين﴾ أَي: الْمُشْركين.
وَقَوله: ﴿ولنسكننكم الأَرْض من بعدهمْ﴾ يَعْنِي: نجْعَل دِيَارهمْ مَوضِع سكناكم، وَهَذَا فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿وسكنتم فِي مسَاكِن الَّذين ظلمُوا أنفسهم﴾.
وَقَوله: ﴿ذَلِك لمن خَافَ مقَامي﴾ الْفرق بَين الْمقَام والمُقام: أَن الْمقَام مَوضِع الْإِقَامَة، والمُقام فعل الْإِقَامَة. فَإِن قيل: كَيفَ يكون لله مقَام، وَقد قَالَ: ﴿ذَلِك لمن خَافَ مقَامي﴾ ؟ قُلْنَا: أجمع أهل التَّفْسِير أَن مَعْنَاهُ: ذَلِك لمن خَافَ مقَامه بَين يَدي، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان﴾.
وَقَوله: ﴿وَخَافَ وَعِيد﴾ أَي: عقابي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿واستفتحوا﴾ مَعْنَاهُ: واستنصروا، وَفِي الْخَبَر: " أَن النَّبِي يستفتح بصعاليك الْمُهَاجِرين " أَي: يستنصر من الله بحقهم.


الصفحة التالية
Icon