﴿الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا بِإِذن رَبهم تحيتهم فِيهَا سَلام (٢٣) ألم تَرَ كَيفَ ضرب الله مثلا﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأدْخل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار﴾ قد بَينا. ﴿خَالِدين فِيهَا﴾ مقيمين فِيهَا أبدا. ﴿بِإِذن رَبهم﴾ بِأَمْر رَبهم.
قَوْله: ﴿تحيتهم فِيهَا سَلام﴾ وَفِي المحيي بِالسَّلَامِ ثَلَاثَة أَقْوَال:
أَحدهَا: أَن المحيي بِالسَّلَامِ هُوَ الله تَعَالَى، وَالْآخر: هم الْمَلَائِكَة، وَالثَّالِث: أَن المحيي بِالسَّلَامِ بَعضهم على بعض.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ألم تَرَ كَيفَ ضرب الله مثلا كلمة طيبَة﴾ الْمثل قَول سَائِر لتشبه شَيْء بِشَيْء فِي الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿كلمة طيبَة﴾ أجمع الْمُفَسِّرُونَ على أَن الْكَلِمَة الطّيبَة هَاهُنَا: لَا إِلَه إِلَّا الله.
وَقَوله: ﴿كشجرة طيبَة﴾ أَكثر أهل التَّفْسِير على أَن الشَّجَرَة الطّيبَة هَاهُنَا: هِيَ النَّخْلَة، وَقد بيّنت بِرِوَايَة ابْن عمر عَن النَّبِي أَنه قَالَ لأَصْحَابه: " أخبروني عَن شَجَرَة هِيَ مثل الْمُؤمن؟ فَوَقَعت الصَّحَابَة فِي شجر الْبَوَادِي. قَالَ ابْن عمر: وَوَقع فِي نَفسِي أَنَّهَا النَّخْلَة، ثمَّ إِن النَّبِي قَالَ: هِيَ النَّخْلَة. قَالَ ابْن عمر: فَذكرت لأبي أَنه كَانَ وَقع فِي نَفسِي كَذَا، فَقَالَ: لَو كنت قلته كَانَ أحب إِلَيّ من حمر النعم ".
وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " أكْرمُوا النَّخْلَة فَإِنَّهَا عمتكم ".
وَمَعْنَاهُ: أَنَّهَا خلقت من فضل طِينَة آدم.