﴿كلمة طيبَة كشجرة طيبَة أَصْلهَا ثَابت وفرعها فِي السَّمَاء (٢٤) تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا وَيضْرب الله الْأَمْثَال للنَّاس لَعَلَّهُم يتذكرون (٢٥) وَمثل كلمة خبيثة كشجرة﴾
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الشَّجَرَة الطّيبَة شَجَرَة فِي الْجنَّة، وَقد حُكيَ هَذَا عَن ابْن عَبَّاس، وَقيل: إِن الشَّجَرَة الطّيبَة شَجَرَة جوز الْهِنْدِيّ.
وَقَوله: ﴿أَصْلهَا ثَابت﴾ أَي: ثَابت فِي الأَرْض. وَقَوله: ﴿وفرعها فِي السَّمَاء﴾ أَي: أَعْلَاهَا فِي السَّمَاء.
وَقَوله: ﴿تؤتي أكلهَا كل حِين﴾ الْحِين فِي اللُّغَة هُوَ الْوَقْت، وَفِي معنى الْحِين أَقْوَال: قَالَ ابْن عَبَّاس: سِتَّة أشهر؛ لِأَنَّهَا من حِين ضرابها إِلَى حِين إطلاعها، وَقَالَ مُجَاهِد: الْحِين هَاهُنَا هُوَ سنة كَامِلَة؛ لِأَن النَّخْلَة تثمر كل سنة.
وَعَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: أَرْبَعَة أشهر لِأَنَّهَا من حِين ظُهُورهَا إِلَى حِين إِدْرَاكهَا، وَقَالَ بَعضهم: شَهْرَان؛ لِأَنَّهُ من حِين يُؤْكَل إِلَى حِين يصرم.
وَالْقَوْل الْخَامِس: أَنه غدْوَة وَعَشِيَّة؛ لِأَن ثَمَر النَّخْلَة يُؤْكَل مِنْهَا أبدا، إِمَّا رطبا، وَإِمَّا تَمرا وَإِمَّا بسرا.
وَقَوله: ﴿بِإِذن رَبهَا﴾ أَي: بِأَمْر رَبهَا. وَقَوله: ﴿وَيضْرب الله الْأَمْثَال للنَّاس﴾ مَوضِع الْمثل أَن الْإِيمَان ثَابت فِي الْقلب، وَالْعَمَل صاعد إِلَى السَّمَاء، كالنخلة ثَابت أَصْلهَا فِي الأَرْض، وفروعها مُرْتَفعَة إِلَى السَّمَاء، مَوضِع الْمثل فِي قَوْله: ﴿تؤتي أكلهَا كل حِين﴾ لِأَن فَائِدَة الْإِيمَان وبركته لَا تَنْقَطِع أبدا، بل تصل إِلَى الْمُؤمن فِي كل وَقت، كَمَا أَن نفع النَّخْلَة وبركتها تصل إِلَى حَاجَتهَا فِي كل وَقت.
وَاسْتدلَّ بَعضهم على أَن النَّخْلَة تشبه الْآدَمِيّ؛ لِأَنَّهَا محتاجة إِلَى اللقَاح، كالآدمي لَا يُولد لَهُ حَتَّى يلقح. قَوْله: ﴿لَعَلَّهُم يتذكرون﴾ أَي: يتعظون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمثل كلمة خبيثة﴾ الْكَلِمَة الخبيثة هِيَ الشّرك. وَقَوله: ﴿كشجرة خبيثة﴾ اخْتلفُوا فِيهَا، قَالَ أنس بن مَالك: هِيَ الحنظلة، وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هِيَ الثوم، وَقيل: إِنَّهَا الكشوثا، وَهِي العشقة.