﴿خبيثة اجتثت من فَوق الأَرْض مَا لَهَا من قَرَار (٢٦) يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت﴾
وَقَوله: ﴿اجتثت من فَوق الأَرْض مَا لَهَا من قَرَار﴾ أَي: اقتلعت من فَوق الأَرْض. وَقَوله: ﴿مَا لَهَا من قَرَار﴾ أَي: مَا لَهَا من ثبات، وَحَقِيقَة الْمَعْنى أَنه لَيْسَ لَهَا أصل ثَابت فِي الأَرْض، وَلَا فرع يصعد إِلَى السَّمَاء، وَمَوْضِع الْمثل مَعْلُوم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت﴾ القَوْل الثَّابِت: كلمة التَّوْحِيد وَهِي لَا إِلَه إِلَّا الله، وَقَالَ: ﴿يثبت الله﴾ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُثبت للْإيمَان فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ.
وَقَوله: ﴿فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ يَعْنِي: قبل الْمَوْت. وَقَوله ﴿ [و] فِي الْآخِرَة﴾ أَي: فِي الْقَبْر، وَعَلِيهِ أَكثر أهل التَّفْسِير، وَقد ثَبت ذَلِك عَن النَّبِي بِرِوَايَة الْبَراء بن عَازِب، وَهُوَ قَول عبد الله بن مَسْعُود، وَعبد الله بن عَبَّاس، وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة.
وَاعْلَم أَن سُؤال الْقَبْر ثَابت فِي السّنة، وَالْإِيمَان بِهِ وَاجِب، وَقد وَردت فِيهِ الْأَخْبَار الْكَثِيرَة، روى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ: " أَن النَّبِي كَانَ فِي جَنَازَة، فَذكر لأَصْحَابه أَنه يدْخل على الرجل فِي قَبره ملكان ويسألانه، فَيَقُولَانِ: من رَبك؟ وَمَا دينك؟ وَمن نبيك؟ قَالَ: فَأَما الْمُؤمن فَيَقُول: رَبِّي الله، وديني الْإِسْلَام، وَنَبِي مُحَمَّد. فَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار، فَيُقَال لَهُ: هَذَا كَانَ مَكَانك لَو قلت غير هَذَا، ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة، ويفسح لَهُ فِي قَبره مد الْبَصَر. وَأما الْكَافِر فَيَقُول الْملكَانِ لَهُ: من رَبك؟ وَمَا دينك؟ وَمن نبيك؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: لَا دَريت وَلَا تليت، ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة، فَيَقُولَانِ: هَذَا مَكَانك لَو أجبْت، ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار، ويضيق عَلَيْهِ الْقَبْر حَتَّى تخْتَلف أضلاعه، ويضربانه بِمِطْرَقَةٍ من نَار فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا كل الْخَلَائق إِلَّا الثقلَيْن ".


الصفحة التالية
Icon