( ﴿٣٠) قل لعبادي الَّذين آمنُوا يقيموا الصَّلَاة وينفقوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سرا وَعَلَانِيَة من قبل أَن يَأْتِي يَوْم لَا بيع فِيهِ وَلَا خلال (٣١) الله الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأنزل من السَّمَاء مَاء فَأخْرج بِهِ من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الْفلك لتجري فِي الْبَحْر بأَمْره وسخر لكم الْأَنْهَار (٣٢) وسخر لكم الشَّمْس وَالْقَمَر دائبين وسخر لكم اللَّيْل وَالنَّهَار﴾
وَقَوله تَعَالَى: ﴿قل لعبادي الَّذين آمنُوا يقيموا الصَّلَاة﴾ هَذَا خبر بِمَعْنى الْأَمر، أَي: أقِيمُوا الصَّلَاة. وَقَوله: ﴿وينفقوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سرا وَعَلَانِيَة﴾ يَعْنِي: جَهرا وَغير جهر. وَقيل: نفلا سرا، وفرضا جَهرا.
وَقَوله: ﴿من قبل أَن يَأْتِي يَوْم لَا بيع فِيهِ﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يَعْنِي لَا فدَاء فِيهِ ﴿وَلَا خلال﴾ أَي: لَا مخالة وَلَا صداقة، وَهَذَا معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿الأخلاء يَوْمئِذٍ بَعضهم لبَعض عَدو إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الله الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأنزل من السَّمَاء مَاء فَأخْرج بِهِ من الثمرات رزقا لكم﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿وسخر لكم الْفلك لتجري فِي الْبَحْر بأَمْره﴾ أَي: بِعِلْمِهِ وإذنه.
وَقَوله: ﴿وسخر لكم الْأَنْهَار﴾ أَي: ذلل لكم الْأَنْهَار تجرونها حَيْثُ شِئْتُم.
وَقَوله: ﴿وسخر لكم الشَّمْس وَالْقَمَر دائبين﴾ وَذَلِكَ لكم، وتسخير الشَّمْس وَالْقَمَر هُوَ جريانهما على وتيرة وَاحِدَة فِيمَا يعود إِلَى مصَالح الْعباد.
وَقَوله: ﴿دائبين﴾ مَعْنَاهُ: أَنَّهُمَا لَا يفتران وَلَا يقفان، والدأب فِي الشَّيْء هُوَ الجري على عَادَة وَاحِدَة.
وَقَوله: ﴿وسخر لكم اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿وآتاكم من كل مَا سألتموه﴾ قرىء بقراءتين، الْمَعْرُوف: ﴿من كل مَا سألتموه﴾، وَيقْرَأ: " من كل مَا سألتموه " بِالتَّشْدِيدِ والتنوين، فَالْقَوْل الْمَعْرُوف مَعْنَاهُ: يَعْنِي من كل الَّذِي سألتموه.
فَإِن قَالَ قَائِل: نَحن نَسْأَلهُ أَشْيَاء وَلَا يُعْطِينَا؟ وَالْجَوَاب: أَن جنسه يُعْطي الْآدَمِيّين