﴿وَتبين لكم كَيفَ فعلنَا بهم وضربنا لكم الْأَمْثَال (٤٥) وَقد مكروا مَكْرهمْ وَعند الله مَكْرهمْ وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال (٤٦) فَلَا تحسبن الله مخلف وعده رسله﴾ فأهلكناهم. وَقَوله: ﴿وَتبين لكم كَيفَ فعلنَا بهم﴾ يَعْنِي: عَرَفْتُمْ عقوبتنا إيَّاهُم.
وَقَوله: ﴿وضربنا لكم الْأَمْثَال﴾ أَي: الْأَشْبَاه، وَمَعْنَاهُ: بَينا أَن مثلكُمْ كمثلهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقد مكروا مَكْرهمْ﴾ أَي: كَادُوا كيدهم.
وَقَوله: ﴿وَعند الله مَكْرهمْ﴾ أَي: عِنْد الله جَزَاء مَكْرهمْ.
وَقَوله: ﴿وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال﴾ قرئَ بقرائتين: " لتزول " و " لتزول " قَرَأَهُ الْكسَائي وَحده بِنصب اللَّام.
أما قَوْله: ﴿لتزول﴾ - بِكَسْر اللَّام وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ - مَعْنَاهُ: وَمَا كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال، يَعْنِي: أَن مَكْرهمْ لَا يزِيل أَمر مُحَمَّد الَّذِي هُوَ ثَابت كثبوت الْجبَال.
وَقيل: إِن معنى الْآيَة بَيَان ضعف كيدهم ومكرهم، وَأَنه لَا يبلغ هَذَا الْمبلغ، وَأما قَوْله: " وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول " بِنصب اللَّام الأول وَرفع الثَّانِي مَعْنَاهُ: أَن مَكْرهمْ لَو بلغ فِي الْعظم بِمُحَمد يزِيل الْجبَال لم يقدروا على إِزَالَة أَمر مُحَمَّد. وَقَرَأَ عمر وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَجَمَاعَة: " وَإِن كَاد مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال:. وَعَن أبي بن كَعْب أَنه قَرَأَ: " وَلَوْلَا كلمة الله لزال بمكرهم الْجبَال ".
وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي معنى الْآيَة: وَهُوَ أَنَّهَا نزلت فِي نمروذ حِين قَالَ: لأصعدن السَّمَاء، وَاتخذ النسور وجوعها ثمَّ اتخذ تابوتا، وَنصب خشبات فِي أطرافها، وَجعل على رءوسها اللَّحْم، ثمَّ ربط قَوَائِم النسور على الخشبات وخلاها، فاستعلت النسور، وَقد جلس نمروذ فِي التابوت مَعَ حَاجِبه، وَقيل: مَعَ غُلَام لَهُ، وللتابوت بَابَانِ: بَاب من أَعلَى، وَبَاب من أَسْفَل، وَقَالَ: فَلَمَّا صعدت النسور فِي السَّمَاء، وَمضى على ذَلِك يَوْم، قَالَ لغلامه: افْتَحْ الْبَاب السُّفْلى، فَإِذا الأَرْض