﴿إِن الله عَزِيز ذُو انتقام (٤٧) يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض وَالسَّمَوَات وبرزوا لله﴾ كاللجة، فَقَالَ: افْتَحْ الْبَاب الْأَعْلَى فَإِذا السَّمَاء كَمَا هِيَ، ثمَّ مر [يَوْم] آخر فَقَالَ: افْتَحْ الْبَاب الْأَسْفَل فَفتح فَإِذا الأَرْض كالدخان، فَقَالَ: افْتَحْ الْبَاب الْأَعْلَى فَفتح فَإِذا السَّمَاء كَمَا هِيَ، فَأمر غُلَامه حَتَّى يصوب رُءُوس النسور والخشبات، فجَاء التابوت إِلَى جَانب الأَرْض وَله هدة عَظِيمَة، فخافت الْجبَال أَنه جَاءَ من السَّمَاء أَمر، وكادت تَزُول عَن أماكنها، فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول﴾ - بِنصب اللَّام الأولى وَرفع الثَّانِي - ﴿مِنْهُ الْجبَال﴾.
وَفِي الْآيَة قَول آخر - وَهُوَ قَول قَتَادَة - أَن مَعْنَاهَا: وَإِن كَانَ شركهم لتزول مِنْهُ الْجبَال، وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى ﴿تكَاد السَّمَوَات يتفطرن مِنْهُ وتنشق الأَرْض وتخر الْجبَال هدا أَن دعوا للرحمن ولدا﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا تحسبن الله مخلف وعده رسله﴾ قيل: هَذَا من المقلوب وَمَعْنَاهُ: مخلف رسله وعده. قَوْله: ﴿إِن الله عَزِيز ذُو انتقام﴾ قد بَينا الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض وَالسَّمَوَات وبرزوا﴾ قَالَ ابْن مَسْعُود: تبدل هَذِه الأَرْض بِأَرْض بَيْضَاء كالفضة لم يسفك عَلَيْهَا دم، وَلم يعْمل فِيهَا بخطيئة، وَأما السَّمَاء تبدل بسماء من ذهب.
وَالْقَوْل الثَّانِي: قَالَه أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ الباقر وَمُحَمّد بن كَعْب: أَنه تبدل الأَرْض بِأَرْض من خبْزَة يَأْكُلُون مِنْهَا، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر: ﴿وَمَا جعلناهم جسدا لَا يَأْكُلُون الطَّعَام﴾ وَالْقَوْل الْمَعْرُوف فِي الْآيَة أَن تَبْدِيل الأَرْض هُوَ تغييرها من هَيْئَة إِلَى هَيْئَة، كَالرّجلِ يَقُول لغيره: تبدلت بعدِي، أَي: تَغَيَّرت هيئتك وحالك. وتغيير الأَرْض بتسيير جبالها، وطم أنهارها، وتسوية أَوديتهَا، وَقلع أشجارها وَجعلهَا قاعا