﴿إِلَّا وَلها كتاب مَعْلُوم (٤) مَا تسبق من أمة أجلهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (٥) وَقَالُوا يَا أَيهَا الَّذِي نزل عَلَيْهِ الذّكر إِنَّك لمَجْنُون (٦) لَو مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِن كنت من الصَّادِقين (٧) مَا ننزل الْمَلَائِكَة إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذا منظرين (٨) إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر﴾
قَوْله: ﴿فَسَوف يعلمُونَ﴾ تهديد آخر، وَقد قَالَ بعض أهل الْعلم: " ذرهم " تهديد. وَقَوله: ﴿فَسَوف يعلمُونَ﴾ تهديد آخر، فَمَتَى يهنأ الْعَيْش بَين تهديدين؟.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أهلكنا من قَرْيَة إِلَّا وَلها كتاب مَعْلُوم﴾ أَي: أجل مَضْرُوب لَا يتَقَدَّم عَلَيْهِ وَلَا يتَأَخَّر عَنهُ.
وَقَوله: ﴿مَا تسبق من أمة أجلهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ مَعْنَاهُ: أَن الْعَذَاب الْمَضْرُوب لَا يتَقَدَّم على وقته، وَلَا يتَأَخَّر عَن وقته، وَقيل: هَذَا فِي الْمَوْت أَنه لَا يتَقَدَّم وَلَا يتَأَخَّر عَن وقته.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا يَا أَيهَا الَّذِي نزل عَلَيْهِ الذّكر إِنَّك لمَجْنُون﴾ الذّكر هُوَ الْقُرْآن. وَقَوله: ﴿إِنَّك لمَجْنُون﴾ خطابهم مَعَ النَّبِي.
وَقَوله " ﴿يَا أَيهَا الَّذِي نزل عَلَيْهِ الذّكر﴾ إِنَّمَا قَالُوهُ على طَرِيق الِاسْتِهْزَاء؛ لأَنهم لَو قَالُوا ذَلِك على طَرِيق التَّحْقِيق لآمنوا بِهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَو مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ﴾ أَي: هلا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ، قَالَ الشَّاعِر:

(تَعدونَ (قَعْر) النيب أفضل مجدكم بنى (طوطبري) لَوْلَا الكمي المقنعا)
أَي: هلا تَعدونَ الكمي المقنعا.
وَقَوله: ﴿إِن كنت من الصَّادِقين﴾ مَعْنَاهُ: أَنَّك نَبِي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا ننزل الْمَلَائِكَة إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ الْحق الَّذِي تنزل بِهِ الْمَلَائِكَة هُوَ الْوَحْي، وَقبض [أَرْوَاح] الْعباد، وإهلاك الْكفَّار، وكتبة الْأَعْمَال، وَمَا أشبه ذَلِك.
وَقَوله: ﴿وَمَا كَانُوا إِذا منظرين﴾ أَي: مؤخرين، وَقد كَانَ الْكفَّار يطْلبُونَ إِنْزَال


الصفحة التالية
Icon