﴿الْعَذَاب الْأَلِيم (٥٠) ونبئهم عَن ضيف إِبْرَاهِيم (٥١) إِذْ دخلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاما قَالَ إِنَّا مِنْكُم وجلون (٥٢) قَالُوا لَا توجل إِنَّا نبشرك بِغُلَام عليم (٥٣) قَالَ أبشرتموني على أَن مسني الْكبر فَبِمَ تبشرون (٥٤) قَالُوا بشرناك بِالْحَقِّ فَلَا تكن من القانطين﴾
وَقَوله: ﴿أَنِّي أَنا الغفور الرَّحِيم وَأَن عَذَابي هُوَ الْعَذَاب الْأَلِيم﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وروى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " لَو يعلم الْمُؤمن مَا عِنْد الله من الرَّحْمَة مَا تورع عَن ذَنْب، وَلَو يعلم الْكَافِر مَا عِنْد الله من الْعقُوبَة لنخع نَفسه ". وَأورد مُسلم فِي صَحِيحه مَا هُوَ قريب من هَذَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ونبئهم عَن ضيف إِبْرَاهِيم﴾ قيل مَعْنَاهُ: عَن أضياف إِبْرَاهِيم، وَقد بَينا عدد الْمَلَائِكَة الَّذين كَانُوا أضيافه.
وَقَوله: ﴿إِذا دخلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاما﴾ أَي: سلمُوا سَلاما.
وَقَوله: ﴿قَالَ إِنَّا مِنْكُم وجلون﴾ وَسبب وَجل إِبْرَاهِيم مِنْهُم؛ أَنه قرب إِلَيْهِم الطَّعَام فَلم يأكلوه، وَقد كَانُوا إِذا لم يَأْكُل الضَّيْف استرابوا بِهِ.
﴿قَالُوا لَا توجل﴾ أَي: لَا تخف، قَالَ الشَّاعِر:
(لعمرك لَا أَدْرِي وَإِنِّي لأوجل | على أَيّنَا تعدو الْمنية أول) |
وَقَوله تَعَالَى: ﴿قَالَ أبشرتموني﴾ الأَصْل: أبشرتمونني؛ فأسقط إِحْدَى النونين وَاكْتفى بالكسرة. وَقَوله: ﴿على أَن مسني الْكبر﴾ يَعْنِي: على حَال الْكبر، وَهَذَا على طَرِيق التَّعَجُّب، وَكَذَلِكَ قَوْله: ﴿فَبِمَ تبشرون﴾ على طَرِيق التَّعَجُّب، وَلَيْسَ على طَرِيق الشَّك وَالْإِنْكَار.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا بشرناك بِالْحَقِّ فَلَا تكن من القاطنين﴾ الْحق: وضع الشَّيْء فِي مَوْضِعه على مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحِكْمَة، والقنوط هُوَ الْيَأْس، وَمعنى الْحق هَاهُنَا هُوَ الصدْق.