﴿أَصْحَاب الأيكة لظالمين (٧٨) فانتقمنا مِنْهُم وإنهما لبإمام مُبين (٧٩) وَلَقَد كذب أَصْحَاب الْحجر الْمُرْسلين (٨٠) وآتيناهم آيَاتنَا فَكَانُوا عَنْهَا معرضين (٨١) وَكَانُوا ينحتون من الْجبَال بُيُوتًا آمِنين (٨٢) فَأَخَذتهم الصَّيْحَة مصبحين (٨٣) فَمَا أغْنى عَنْهُم﴾ أهلكوا بالصيحة، وَأما أهل الأيكة فأهلكوا بِعَذَاب [الظلة].
وَفِي الْقِصَّة: أَنه أَصَابَهُم حر شَدِيد فِي مَنَازِلهمْ، وَمنع الله تَعَالَى الرّيح عَنْهُم، وشدد الْحر عَلَيْهِم، وَكَانُوا كَذَلِك أَيَّامًا، ثمَّ اضطرم عَلَيْهِم الْوَادي نَارا فهلكوا أَجْمَعِينَ. وَيُقَال: إِنَّهُم هَلَكُوا غما؛ وَهَذَا معنى قَوْله: ﴿فانتقمنا مِنْهُم﴾.
وَقَوله: ﴿وإنهما لبإمام مُبين﴾ أَي: بطرِيق وَاضح، وسمى الطَّرِيق إِمَامًا؛ لِأَنَّهُ يؤتم بِهِ وَتبع، وَالْكِنَايَة فِي قَوْله: ﴿وإنهما﴾ تَنْصَرِف إِلَى قَرْيَة قوم لوط وقرية أَصْحَاب الأيكة، وَهَذِه الْبِلَاد بَين الْحجاز وَالشَّام، وَقد كَانَت قُرَيْش يَمرونَ عَلَيْهَا فِي أسفارهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد كذب أَصْحَاب الْحجر الْمُرْسلين﴾ " الْحجر ": ديار ثَمُود. وَقَوله: ﴿الْمُرْسلين﴾ المُرَاد بِهِ صَالح - عَلَيْهِ السَّلَام
- وَقَوله: -ayah text-primary">﴿وآتيناهم آيَاتنَا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: الْآيَات فِي النَّاقة: خُرُوجهَا من الصَّخْرَة، وكبرها وَقرب وِلَادَتهَا وغزارة لَبنهَا، فقد كَانُوا يحلبونها مَا يكفيهم يَوْمًا. وَقَوله: -ayah text-primary">﴿فَكَانُوا عَنْهَا معرضين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله: ﴿وَكَانُوا ينحتون من الْجبَال بُيُوتًا آمِنين﴾ أَي: آمِنين من الْوُقُوع عَلَيْهِم، وَقيل: (عَلَيْهِم) آمِنين من الخراب، وَقيل: آمِنين من الْعَذَاب.
وَقَوله: ﴿فَأَخَذتهم الصَّيْحَة مصبحين﴾ أَي: حِين دخلُوا فِي الصُّبْح.
وَقَوله: ﴿فَمَا أغْنى عَنْهُم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ أَي: مَا دفع عَنْهُم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ.