﴿أنزلنَا على المقتسمين (٩٠) الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين (٩١) فوربك لنسألنهم﴾ بَعضهم: هُوَ سَاحر، وَبَعْضهمْ يَقُول: هُوَ شَاعِر، وَمعنى الاقتسام: أَنهم اقتسموا طرق مَكَّة، وَهَذَا قَول مَعْرُوف ذكره مُجَاهِد وَقَتَادَة وَغَيرهمَا.
وَقَوله: ﴿الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: عضين مَأْخُوذ من الإعضاء، (وَزعم) الْفراء: أَنه من الْعضَاة. وَقَالَ الْكسَائي: يجوز أَن يكون مِنْهُمَا، وَمعنى الْآيَة أَنهم جعلُوا الْقُرْآن أبعاضا وأجزاء، فَقَالَ بَعضهم: إِنَّه أساطير الْأَوَّلين، وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه كهَانَة، وَمَا أشبه هَذَا.
وَفِي الْآيَة قَول آخر: وَهُوَ أَن معنى قَوْله: ﴿عضين﴾ يَعْنِي: سموهُ سحرًا، والعضة هِيَ السحر، فَتكون العضة والعضين بِمَعْنى وَاحِد، مثل عزة وعزين، قَالَ الشَّاعِر:
(وَلَيْسَ دين الله بالمعضي... )
أَي: بالمتفرق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فوربك لنسألنهم أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ﴾ روى أنس عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " هُوَ قَول لَا إِلَه إِلَّا الله "، وَعَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي قَالَ: إِن جَمِيع (الْخلق) يسْأَلُون عَن شَيْئَيْنِ: عَن التَّوْحِيد، وَعَن إِجَابَة الْمُرْسلين. وَقيل: إِن معنى قَوْله: ﴿فوربك لنسألنهم أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ﴾ يَعْنِي: جَمِيع الْأَعْمَال الَّتِي يعملونها الدَّاخِلَة تَحت التَّكْلِيف.
قَوْله تَعَالَى: [ ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر﴾ ] قَالَ القتيبي مَعْنَاهُ: اظهر بِمَا تُؤمر، وأبن


الصفحة التالية
Icon