﴿أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ (٩٣) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر وَأعْرض عَن الْمُشْركين (٩٤) إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) ﴾ غير مراقب لأحد، وَقد كَانَ رَسُول الله مختفيا إِلَى [أَن] أنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وَأمره بالظهور، وَقَالَ بَعضهم: معنى قَوْله: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر﴾ أَي: أفرق بِالْقُرْآنِ بَين الْحق وَالْبَاطِل، وَذكر مُجَاهِد أَن معنى قَوْله: ﴿فَاصْدَعْ﴾ أَي: اجهر بِالْقُرْآنِ، وَقد كَانَ يقْرَأ (مسرا) خوفًا من الْمُشْركين؛ فَأمره الله تَعَالَى بالجهر وَألا يُبَالِي بهم.
والصدع فِي اللُّغَة مَأْخُوذ من الظُّهُور، وَمِنْه الصديع اسْم للصبح، قَالَ الشَّاعِر:
(كأنهن ربابة وَكَأَنَّهُ | يسر يفِيض على القداح ويصدع) |
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: المستهزئون خَمْسَة نفر: وهم الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، وَالْعَاص بن وَائِل، وَالْأسود بن عبد يَغُوث، وَالْأسود بن الْمطلب، وعدي بن قيس، وَقد ضم بَعضهم إِلَى هَؤُلَاءِ الْحَارِث بن الطُّلَاطِلَة، والْحَارث بن غيطلة، والمروي عَن ابْن عَبَّاس مَا بَينا، فَروِيَ: " أَن جِبْرِيل كَانَ وَاقِفًا مَعَ النَّبِي فَمر بهما هَؤُلَاءِ الْقَوْم رجلا رجلا، وَكَانَ جِبْرِيل يَقُول للنَّبِي: مَا قَوْلك فِي هَذَا