﴿وعَلى الله قصد السَّبِيل وَمِنْهَا جَائِر وَلَو شَاءَ لهداكم أَجْمَعِينَ (٩) هُوَ الَّذِي أنزل من السَّمَاء مَاء لكم مِنْهُ شراب وَمِنْه شجر فِيهِ تسيمون (١٠) ينْبت لكم بِهِ الزَّرْع وَالزَّيْتُون﴾ وَالْإِنْسَان قل مَا يَخْلُو فِي يَوْم وَلَيْلَة أَن يرى شَيْئا من خلق الله تَعَالَى لم يره من قبل. وروى ابْن السّديّ عَن أَبِيه أَن معنى قَوْله: ﴿ويخلق مَا لَا تعلمُونَ﴾ أَي: السوس فِي النَّبَات والحبوب. وَفِي بعض التفاسير: أَن النَّبِي قَالَ فِي هَذِه الْآيَة: " إِن لله تَعَالَى أَرضًا بَيْضَاء خلقهَا، ومسافتها قدر مسيرَة الشَّمْس ثَلَاثِينَ لَيْلَة، وَقد ملأها من خلق لم يعصوا الله طرفَة عين؛ فَقيل لَهُ: أهم من بني آدم؟
فَقَالَ: إِنَّهُم لَا يعلمُونَ أَن الله تَعَالَى خلق آدم، فَقيل لَهُ: فَكيف لَا يفتنهم إِبْلِيس؟ قَالَ: إِنَّهُم لَا يعلمُونَ أَن لله فِي خلقه إِبْلِيس " وَهَذَا خبر غَرِيب، وَالله أعلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وعَلى الله قصد السَّبِيل﴾ قيل مَعْنَاهُ: وعَلى الله بَيَان الْهدى من الضَّلَالَة، وَقيل: بَيَان الْحق بِالْآيَاتِ والبراهين، وَهَذَا بِحكم الْوَعْد، وَيُقَال: وعَلى الله قصد السَّبِيل أَي: على الله الحكم بِالْعَدْلِ بَين الْخلق.
وَقَوله: ﴿وَمِنْهَا جَائِر﴾ مَعْنَاهُ: وَمن السَّبِيل جَائِر، وَقَرَأَ عَليّ وَابْن مَسْعُود: " ومنكم جَائِر ". أَي: عَادل عَن الْحق، قَالَ الشَّاعِر:

(لما خلطت دماؤنا بدمائهم وقف الثقال بهَا (وجار) الْعَادِل)
الثقال: البطر.
وَقَوله: ﴿وَلَو شَاءَ لهداكم أَجْمَعِينَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى، وَفِيه رد على الْقَدَرِيَّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أنزل من السَّمَاء مَاء لكم مِنْهُ شراب﴾ أَي: لكم مِنْهُ مَا تشربون.
وَقَوله: ﴿وَمِنْه شجر فِيهِ تسيمون﴾ أَي: تسيمون الْمَوَاشِي فِيهَا، والإسامة هِيَ


الصفحة التالية
Icon