﴿يدعونَ من دون الله لَا يخلقون شَيْئا وهم يخلقون (٢٠) أموات غير أَحيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يبعثون (٢١) إِلَهكُم إِلَه وَاحِد فَالَّذِينَ لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة قُلُوبهم مُنكرَة﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالله يعلم مَا تسرون وَمَا تعلنون وَالَّذين يدعونَ من دون الله لَا يخلقون شَيْئا﴾ أَرَادَ بِهِ الْأَصْنَام. وَقَوله: ﴿وهم يخلقون﴾ مَعْنَاهُ: أَن الْمَخْلُوق لَا يكون إِلَهًا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أموات غير أَحيَاء﴾ فَإِن قيل: الصَّنَم كَيفَ يكون مَيتا وَلم يكن حَيا قطّ؟ الْجَواب: أَن مَعْنَاهُ: أَنَّهَا كالأموات فِي أَنَّهَا لَا تعقل.
وَقَوله: ﴿غير أَحيَاء﴾ تَأْكِيد للْأولِ. وَقَوله: ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يبعثون﴾ أَي: مَتى يبعثون؟ فَإِن قيل: هَل للأصنام بعث؟ وَالْجَوَاب: أَنه قد ذكر فِي بعض التفاسير: أَن الْأَصْنَام تبْعَث، وَتجْعَل فِيهَا الْحَيَاة، وتتبرأ من عابديها، وَقد دلّ على هَذَا الْقُرْآن فِي مَوَاضِع، وَقيل فِي معنى الْآيَة: وَمَا تشعر الْأَصْنَام مَتى يبْعَث الْكفَّار؟ وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث: وَهُوَ أَن مَعْنَاهَا: وَمَا يشْعر الْكفَّار مَتى يبعثون؟.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِلَهكُم إِلَه وَاحِد فَالَّذِينَ لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة قُلُوبهم مُنكرَة﴾ أَي: جاحدة، وَهَذَا دَلِيل على أَن الْعبْرَة بجحد الْقلب وإنكاره.
وَقَوله: ﴿وهم مستكبرون﴾ أَي: متكبرون، وَيُقَال: إِنَّه لَا يُنكر الدّين إِلَّا متكبر.
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿إِنَّهُم كَانُوا إِذا قيل لَهُم لَا إِلَه إِلَّا الله يَسْتَكْبِرُونَ﴾ وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " لَا يدْخل الْجنَّة أحد فِي قلبه ذرة من كبر ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا جرم﴾ مَعْنَاهُ: حَقًا {أَن الله يعلم مَا يسرون وَمَا يعلنون إِنَّه


الصفحة التالية
Icon