﴿أكبر لَو كَانُوا يعلمُونَ (٤١) الَّذين صَبَرُوا وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ (٤٢) وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا نوحي إِلَيْهِم فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّنَاتِ والزبر وأنزلنا إِلَيْك الذّكر لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم ولعلهم يتفكرون (٤٤) أفأمن﴾
وَقَوله: ﴿ولأجر الْآخِرَة أكبر لَو كَانُوا يعلمُونَ﴾ أَي: أعظم لَو كَانُوا يعلمُونَ. وَقَوله: ﴿لَو كَانُوا يعلمُونَ﴾ منصرف إِلَى الْمُشْركين دون هَؤُلَاءِ النَّفر، فَإِنَّهُم كَانُوا يعلمُونَ أَن أجر الْآخِرَة أكبر.
وَقَوله: ﴿الَّذين صَبَرُوا وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى، وَهِي نازلة فِي هَؤُلَاءِ الْخَمْسَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا نوحي إِلَيْهِم﴾ مَعْنَاهُ: إِلَّا رجَالًا من الْبشر نوحي إِلَيْهِم، فَإِن الْمُشْركين كَانُوا يُنكرُونَ إرْسَال الْآدَمِيّين، وَيطْلبُونَ إرْسَال الْمَلَائِكَة على مَا ذكر الله تَعَالَى ذَلِك فِي غير مَوضِع. وَقَوله: ﴿فاسألوا أهل الذّكر﴾ يَعْنِي: مؤمني أهل الْكتاب، وَقيل: حَملَة أهل الْكِتَابَيْنِ، فَإِنَّهُم كَانُوا لَا يُنكرُونَ هَذَا. وَقَوله: ﴿إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿بِالْبَيِّنَاتِ والزبر﴾ اخْتلفُوا فِي أَن قَوْله: ﴿بِالْبَيِّنَاتِ والزبر﴾ إِلَى مَاذَا يرجع؟
قَالَ بَعضهم مَعْنَاهُ: وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا بِالْبَيِّنَاتِ والزبر، وَمِنْهُم من قَالَ مَعْنَاهُ: وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا نوحي إِلَيْهِم بِالْبَيِّنَاتِ والزبر. ثمَّ قَالَ: ﴿فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ﴾.
قَوْله: ﴿وأنزلنا إِلَيْك الذّكر لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم﴾. وَقد كَانَ الرَّسُول مُبينًا للوحي، وَقد قَالَ أهل الْعلم: إِن بَيَان الْكتاب فِي السّنة. وَقَوله: ﴿ولعلهم يتفكرون﴾ يَعْنِي: يتدبرون ويعتبرون.
قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿أفأمن الَّذين مكروا السَّيِّئَات أَن يخسف الله بهم الأَرْض﴾ " مكروا السَّيِّئَات " يَعْنِي: فعلوا السَّيِّئَات، وَذَلِكَ جحدهم التَّوْحِيد وعبادتهم غير الله، وعملهم بِالْمَعَاصِي، وَقد قَالُوا: إِن الْمَكْر فِي هَذَا الْمَوْضُوع هُوَ السَّعْي بِالْفَسَادِ، وَمَا قُلْنَاهُ أفسد الْفساد.