﴿وهم داخرون (٤٨) وَللَّه يسْجد مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض من دَابَّة وَالْمَلَائِكَة وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يخَافُونَ رَبهم من فَوْقهم ويفعلون مَا يؤمرون (٥٠) وَقَالَ الله﴾ كلهَا مجبولة على مَا أُرِيد لَهَا فِي أصل الْخلقَة.
وَذكر بَعضهم: أَنه إِنَّمَا أضَاف السُّجُود إِلَى هَذِه الْأَشْيَاء؛ لِأَنَّهَا تَدْعُو إِلَى السُّجُود، فَكَأَنَّهَا فِي أَنْفسهَا سَاجِدَة، وَالأَصَح هُوَ القَوْل الأول ثمَّ الثَّانِي.
وَقَوله: ﴿وهم داخرون﴾ أَي: صاغرون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَللَّه يسْجد مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض من دَابَّة﴾ المُرَاد من الدَّابَّة هَاهُنَا قَالُوا: هِيَ الْحَيَوَان؛ لِأَن الْحَيَوَان من شَأْنه الدبيب، وَيُقَال: وَللَّه يسْجد مَا فِي السَّمَوَات من الْمَلَائِكَة، وَمَا فِي الأَرْض من دَابَّة.
فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ يَسْتَقِيم هَذَا الْمَعْنى، وَقد قَالَ بعده: ﴿وَالْمَلَائِكَة﴾ ؟
وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنه خصهم بِالذكر تَشْرِيفًا لَهُم.
وَالْآخر: أَن المُرَاد من الْمَلَائِكَة الْمَذْكُورين أخيرا هم مَلَائِكَة الله فِي الأَرْض، يعْبدُونَ الله تَعَالَى ويسبحونه. وَقَوله: ﴿وهم لَا يستكبرن﴾ الاستكبار: طلب الْكبر بترك الإذعان للحق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يخَافُونَ رَبهم من فَوْقهم﴾ قَالَ بَعضهم مَعْنَاهُ: يخَافُونَ عَذَاب رَبهم من فَوْقهم، وَالْقَوْل الثَّانِي - وَهُوَ الْأَصَح - أَن هَذِه صفة الْعُلُوّ [الَّتِي] تفرد الله بهَا، وَهُوَ كَمَا وصف بِهِ نَفسه من غير تكييف.
وَقَوله: ﴿ويفعلون مَا يؤمرون﴾ يَعْنِي: أَن الْمَلَائِكَة لَا يعصونه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الله لَا تَتَّخِذُوا إلَيْهِنَّ اثْنَيْنِ﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: أيش معنى قَوْله: ﴿اثْنَيْنِ﴾ وَقد قَالَ: ﴿إِلَهَيْنِ﴾ ؟
الْجَواب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: على طَرِيق التَّأْكِيد، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: {فَصِيَام