﴿سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَا يشتهون (٥٧) وَإِذا بشر أحدهم بِالْأُنْثَى ظلّ وَجهه مسودا وَهُوَ كظيم (٥٨) يتَوَارَى من الْقَوْم من سوء مَا بشر بِهِ أيمسكه على هون أم يدسه فِي التُّرَاب أَلا﴾ وَإِن بشر بِالْأُنْثَى تغير واستخفى وَرُبمَا يئدها؛ فَهَذَا معنى
قَوْله: ﴿يتَوَارَى من الْقَوْم من سوء مَا بشر بِهِ﴾ يَعْنِي: من كَرَاهَة مَا بشر بِهِ.
وَأما قَوْله: ﴿ظلّ وَجهه مسودا وَهُوَ كظيم﴾ مَعْنَاهُ: تغير وَجهه من الْغم، تَقول الْعَرَب: اسود وَجه فلَان، إِذا تغير بِمَا أَصَابَهُ من الْغم.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ كظيم﴾ أَي: ممتلىء حزنا، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: حَزِين، وَقَالَ غَيره: امْتَلَأَ حزنا، فَهُوَ يكظمه، أَي: يمسِكهُ وَلَا يظهره.
وَأما قَوْله: ﴿أيمسكه على هون﴾ قَرَأَ الجحدري: " على هوان "، وَقَالَ الْكسَائي: الْهون والهوان بِمَعْنى وَاحِد، وَقَالَت الخنساء شعرًا:
(نهين النُّفُوس ووهن النُّفُوس | ليَوْم الكريهة أبقى لَهَا) |
وَقَوله: (أم يدسه فِي التُّرَاب) أَي: يدفنه حَيا، وَعَن قَتَادَة قَالَ: رب أُنْثَى خير لأَهْلهَا من غُلَام، وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " مَا وضعت امْرَأَة بِنْتا إِلَّا وضع الْملك يَده على رَأسهَا وَقَالَ: ضَعِيفَة خرجت من ضَعِيفَة، الْمُنفق عَلَيْهَا معَان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".