﴿يملك لَهُم رزقا من السَّمَوَات وَالْأَرْض شَيْئا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣) فَلَا تضربوا لله الْأَمْثَال إِن الله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ (٧٤) ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء وَمن﴾ يكفرون) يَعْنِي: بِالْإِسْلَامِ هم يكفرون، وَقيل: بمحمدهم يكفرون.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿ويعبدون من دون الله مَا لَا يملك لَهُم رزقا من السَّمَوَات وَالْأَرْض شَيْئا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ المُرَاد من الْآيَة ذكر عجز الْأَصْنَام عَن إِيصَال نفع أَو دفع ضرّ.
وَقَوله: ﴿فَلَا تضربوا لله الْأَمْثَال﴾ أَي: الْأَشْبَاه، وَمَعْنَاهُ: فَلَا تجْعَلُوا لله شبها. وَلَا مثلا؛ فَإِنَّهُ لَا شبه لَهُ، وَلَا مثل لَهُ. وَقَوله: ﴿إِن الله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء وَمن رزقناه منا رزقا حسنا فَهُوَ ينْفق مِنْهُ سرا وجهرا﴾ قَالَ مُجَاهِد وَالضَّحَّاك: ضرب الْمثل لنَفسِهِ وللصنم الَّذِي عبد من دونه، فَقَوله: ﴿عبدا مَمْلُوكا﴾ أَرَادَ بِهِ الصَّنَم. وَقَوله: ﴿وَمن رزقناه منا رزقا حسنا﴾ ضرب مثلا لنَفسِهِ على معنى أَنه الْجواد الرازق الَّذِي يُعْطي من حَيْثُ يُعلمهُ العَبْد وَمن حَيْثُ لَا يُعلمهُ.
وَقَالَ قَتَادَة - وَهُوَ القَوْل الثَّانِي - هُوَ ضرب مثلا للْكَافِرِ وَالْمُؤمن، فَقَوله: ﴿عبدا مَمْلُوكا﴾ أَرَادَ بِهِ الْكَافِر، وَقَوله: ﴿وَمن رزقناه منا رزقا حسنا﴾ أَرَادَ بِهِ الْمُؤمن، وَقيل: إِن القَوْل الأول أليق بِظَاهِر الْآيَة؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا سبق ذكر الْأَصْنَام، (وَتَأَخر ذكر الْأَصْنَام).
وَمن نصر القَوْل الثَّانِي اسْتدلَّ على صِحَّته بقوله: ﴿عبدا مَمْلُوكا﴾ والصنم لَا يُسمى عبدا، وَفِي بعض الرِّوَايَات عَن ابْن عَبَّاس أَن الْآيَة فِي رجلَيْنِ بأعيانهما: أما الَّذِي رزقه الله رزقا حسنا، فَهُوَ ينْفق مِنْهُ سرا وجهرا، هُوَ عَمْرو بن هِشَام، وَأما [العَبْد] الْمَمْلُوك فَهُوَ هُوَ مَوْلَاهُ أَبُو الْجَواب، وَكَانَ يَأْمُرهُ بِالْإِيمَان وَيمْتَنع، أوردهُ