﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْت مفتر بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ (١٠١) قل نزله روح الْقُدس من رَبك بِالْحَقِّ ليثبت الَّذين آمنُوا وَهدى وبشرى للْمُسلمين (١٠٢) وَلَقَد نعلم أَنهم يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعلمهُ﴾ هَذَا الرجل يُبدل كَلَام الله من قبل نَفسه، وَكَانُوا يَقُولُونَ على طَرِيق الِاسْتِهْزَاء: وتبدل الشَّيْء بالشَّيْء؛ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة: ﴿وَإِذا بدلنا آيَة مَكَان آيَة﴾ " أَي: وَضعنَا آيَة مَكَان آيَة.
وَقَوله: ﴿وَالله أعلم بِمَا ينزل﴾ يَعْنِي: وَالله أعلم بِمَنْفَعَة الْعباد فِيمَا ينزل.
وَقَوله: ﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْت مفتر﴾ أَي: مختلق. وَقَوله: ﴿بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ﴾ يَعْنِي: كلهم لَا يعلمُونَ أَنِّي أَنا الْمنزل لجَمِيع الْآيَات النَّاسِخ والمنسوخ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل نزله روح الْقُدس﴾ أَي: جِبْرِيل. وَقَوله: ﴿من رَبك بِالْحَقِّ﴾ أَي: بِالصّدقِ وَقَوله: ﴿ليثبت الَّذين آمنُوا﴾ أَي: ليثبت قُلُوب الَّذين آمنُوا.
وَقَوله: ﴿وَهدى وبشرى للْمُسلمين﴾ قد بَينا الْمَعْنى.
قَوْله: ﴿وَلَقَد نعلم أَنهم يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعلمهُ بشر﴾ الْآيَة، اخْتلفت الْأَقَاوِيل فِي معنى قَوْله: ﴿بشر﴾ رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: هُوَ غُلَام لعامر بن الْحَضْرَمِيّ، وَكَانَ يقْرَأ الْكتب، وَكَانَ الْمُشْركُونَ يَزْعمُونَ أَن رَسُول الله يتَعَلَّم مِنْهُ، وَقَالَ مُجَاهِد: هُوَ غُلَام لحويطب، وَقَالَ غَيره: كَانَ اسْمه جبر، وَمِنْهُم من قَالَ: غلامان من عين التَّمْر يُسمى أَحدهمَا: جبر، وَالْآخر: يسَار، وَكَانَا يقرآن الْكتب بلسانهما، وَقَالَ بَعضهم: كَانَ اسْمه: أَبُو (فكيهة)، وَقيل: كَانَ اسْمه: عايش، قَالُوا: كَانَ النَّبِي يجلس إِلَيْهِمَا، ويدعوهما، إِلَى الْإِسْلَام، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة.
وَقَوله: ﴿لِسَان الَّذِي يلحدون إِلَيْهِ﴾ قرئَ: " يلحدون إِلَيْهِ " و " يلحدون "، والإلحاد: الْميل، والملحد هُوَ الَّذِي مَال عَن الْحق إِلَى التعطيل؛ فَقَوله: ﴿يلحدون إِلَيْهِ﴾ أَي: يميلون إِلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿يلحدون إِلَيْهِ﴾ أَي: يميلون القَوْل إِلَيْهِ، وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: يومئون إِلَيْهِ،