﴿نَفسه وغلقت الْأَبْوَاب وَقَالَت هيت لَك قَالَ معَاذ الله إِنَّه رَبِّي أحسن مثواي إِنَّه لَا يفلح الظَّالِمُونَ (٢٣) وَلَقَد هَمت بِهِ وهم بهَا لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه﴾
وَقَوله: ﴿قَالَ معَاذ الله﴾ مَعْنَاهُ: قَالَ: أعوذ بِاللَّه أَي: أَعْتَصِم بِهِ إِنَّه رَبِّي.
[و] الْأَكْثَرُونَ أَنه أَرَادَ بِهِ الْعَزِيز؛ وَمَعْنَاهُ: إِنَّه سَيِّدي. وَقَوله: ﴿إِنَّه رَبِّي أحسن مثواي﴾ أَي: أكْرم مثواي. وَقَوله: ﴿إِنَّه لَا يفلح الظَّالِمُونَ﴾ أَنه لَا يسْعد الزناة وَلَا العصاة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد هَمت بِهِ وهم بهَا﴾ [الْآيَة]، الْهم: هُوَ المقاربة من الْفِعْل من غير دُخُول فِيهِ. وَقَوله: ﴿وَلَقَد هَمت بِهِ﴾ همها: هُوَ عزمها على الْمعْصِيَة وَالزِّنَا، وَأما هم يُوسُف: فَاعْلَم أَنه قد ثَبت عَن عبد الله بن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله ﴿وهم بهَا﴾ قَالَ: جلس مِنْهَا مجْلِس الخاتن وَحل هِمْيَانه. رَوَاهُ ابْن أبي مليكَة، وَعَطَاء وَغَيرهمَا. وَعَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: حل سراويله وَجعل يعالج ثِيَابه. وَهَذَا قَول أَكثر الْمُتَقَدِّمين؛ مِنْهُم: سعيد بن جُبَير، وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَالضَّحَّاك وَغَيرهم.
[و] قَالَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام: وَقد أنكر قوم هَذَا القَوْل؛ وَالْقَوْل مَا قَالَه متقدمو هَذِه الْأمة وهم كَانُوا أعلم بِاللَّه أَن يَقُولُوا فِي الْأَنْبِيَاء من غير علم. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي، وَزعم بعض الْمُتَأَخِّرين أَن الْهم (كَانَ مِنْهَا) : هُوَ الْعَزِيمَة على الْمعْصِيَة، وَأما الْهم مِنْهُ: كَانَ خاطر الْقلب وَشدَّة الْمحبَّة بالشهوة.
وَفِي الْقِصَّة: أَن الْمَرْأَة قَالَت لَهُ: مَا أحسن عَيْنَيْك، فَقَالَ: هِيَ أول مَا تسيل من وَجْهي فِي قَبْرِي، فَقَالَت: مَا أحسن شعرك، فَقَالَ: هُوَ أول مَا ينشر فِي قَبْرِي، فَقَالَت إِن فرَاش الْحَرِير مَبْسُوط فَقُمْ فَاقْض حَاجَتي، فَقَالَ: إِذا يذهب نَصِيبي من الْجنَّة، فَقَالَت: إِن الجنينة عطشة فَقُمْ فاسقها، فَقَالَ: إِن الْمِفْتَاح بيد غَيْرِي، قَالَ: فجَاء