﴿إِلَى الْمَسْجِد الأقصا الَّذِي باركنا حوله لنريه من آيَاتنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيع الْبَصِير (١) ﴾
وَاخْتلف القَوْل فِي الْوَقْت الَّذِي أسرى بِهِ؛ قَالَ مقَاتل: كَانَ قبل الْهِجْرَة بِسنة، وَيُقَال: إِنَّه كَانَ فِي رَجَب، وَيُقَال: فِي رَمَضَان. وَقَالَ بَعضهم أسرى بِهِ وَهُوَ ابْن إِحْدَى وَخمسين سنة وَتِسْعَة أشهر وَثَمَانِية وَعشْرين يَوْمًا، وَالله أعلم.
وَقَوله ﴿إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى﴾ يَعْنِي: إِلَى مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس، وَسَماهُ الْأَقْصَى لبعده من الْمَسْجِد الْحَرَام.
وَقَوله: ﴿الَّذِي باركنا حوله﴾ يَعْنِي: بِالْمَاءِ وَالشَّجر، وَقيل: باركنا حوله؛ لِأَنَّهُ (مَوَاضِع) الْأَنْبِيَاء ومهبط الْمَلَائِكَة.
قَوْله: ﴿لنريه من آيَاتنَا﴾ أَي: من عجائب قدرتنا، وَقد رأى هُنَاكَ الْأَنْبِيَاء، وَرَأى آثَارهم.
وَقَوله: ﴿إِنَّه هُوَ السَّمِيع الْبَصِير﴾ - ذكر السَّمِيع هَا هُنَا لينبه على أَنه الْمُجيب لدعائه، وَذكر الْبَصِير لينبه على أَنه كَانَ الْحَافِظ لَهُ فِي ظلمَة اللَّيْل.
وَأما الْكَلَام فِي الْإِسْرَاء فَاخْتلف القَوْل على أَنه أسرِي بجسمه وروحه أم بِرُوحِهِ؟ فالأكثرون على أَنه أسرِي بجسمه وروحه جَمِيعًا. وَعَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَت: مَا فقد جسم رَسُول الله وَإِنَّمَا أسرِي بِرُوحِهِ؟
وَقد تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار الصَّحِيحَة على مَا يُوَافق القَوْل الأول، وأتمها حَدِيث أنس عَن مَالك بن صعصعة، عَن النَّبِي، وَفِيه: أَنه أسرِي بِهِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ مِنْهُ إِلَى السَّمَاء، واستفتح جِبْرِيل السَّمَاء الدُّنْيَا، فَقيل لَهُ: وَمن مَعَك؟ فَقَالَ: مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام.
فَقَالُوا: أوبعث؟ قَالَ: نعم.