﴿وَجَعَلنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ فمحونا آيَة اللَّيْل وَجَعَلنَا آيَة النَّهَار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكُم ولتعلموا عدد السنين والحساب﴾ من يَوْم الْجُمُعَة، فَجعل الرّوح تجْرِي فِي جسده، وَيحيى آدم فَنظر إِلَى الشَّمْس، وَهِي تغرب، فَقَالَ: يَا رب، قبل اللَّيْل - أَي أتم خلقي قبل اللَّيْل - فَقَالَ الله تَعَالَى: " وَخلق الْإِنْسَان عجولا ".
وَفِي أصل الْآيَة قَول آخر؛ وَهُوَ أَن معنى قَوْله: ﴿وَيَدْعُو الْإِنْسَان بِالشَّرِّ﴾ أَي: يَدْعُو بِفعل الْمعْصِيَة كَمَا يَدْعُو بِفعل الطَّاعَة. قَالَ الشَّاعِر:
(عَسى فارج الْهم عَن يُوسُف | يسخر لي ربة الْمحمل) |
قَوْله: ﴿وَجَعَلنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ﴾ أَي: علامتين دالتين على أَن لَهما إِلَهًا وَاحِدًا.
وَقيل: علامتين على اللَّيْل وَالنَّهَار، وَالْمرَاد من اللَّيْل وَالنَّهَار: هُوَ الشَّمْس وَالْقَمَر.
وَقَوله: ﴿فمحونا آيَة اللَّيْل﴾ رُوِيَ عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس أَنَّهُمَا قَالَا: المحو هُوَ السوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر.
وَفِي بعض الْآثَار أَن ابْن الْكواء قَامَ إِلَى عَليّ فَسَأَلَهُ عَن هَذَا فَقَالَ: أعمى - أَرَادَ عمى الْقلب - يسْأَل عَن عمياء! ثمَّ قَالَ: هُوَ السوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر، وَقيل: إِن معنى قَوْله: ﴿فمحونا آيَة اللَّيْل﴾ أَي: جعلنَا اللَّيْل بِحَيْثُ لَا يبصر فِيهِ كَمَا [لَا] يبصر الْكتاب إِذا مُحي.
وَقَالَ قَتَادَة وَجَمَاعَة من الْمُفَسّرين، وَهُوَ محكي أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس قَالُوا: إِن الله تَعَالَى خلق الشَّمْس وَالْقَمَر مضيئين نيرين كل وَاحِد مِنْهُمَا مثل الآخر فِي الضياء، فَلم يكن يعرف اللَّيْل من النَّهَار، وَالنَّهَار من اللَّيْل، فَأمر جِبْرِيل حَتَّى مسح بجناحه