﴿كفى بِنَفْسِك الْيَوْم عَلَيْك حسيبا (١٤) من اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لنَفسِهِ وَمن ضل فَإِنَّمَا يضل عَلَيْهَا وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا (١٥) وَإِذا أردنَا﴾ وقرىء: " وَيخرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كتاب " على مَا لم يسم فَاعله، وقرىء " وَيخرج " بِفَتْح الْيَاء يَعْنِي: عمله يخرج ﴿كتابا﴾ يَوْم الْقِيَامَة، كَأَنَّهُ يتَحَوَّل الْعَمَل كتابا فِي الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿يلقاه﴾ قَرَأَ الْحسن: " يلقاه " بِضَم الْيَاء من التلقية، وَهَذَا فِي الشاذ.
وَقَوله: ﴿منشورا﴾ فِي الْآثَار أَن الله تَعَالَى يَأْمر الْملكَيْنِ بطي الصَّحِيفَة، إِذا تمّ عمر العَبْد، فَلَا ينشر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَهَذَا فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا الصُّحُف نشرت﴾.
قَوْله: ﴿اقْرَأ كتابك﴾ فِيهِ إِضْمَار، وَهُوَ أَنه يُقَال لَهُ: اقْرَأ كتابك. قَالَ قَتَادَة: يقْرَأ كل إِنْسَان سَوَاء كَانَ قَارِئًا فِي الدُّنْيَا، أَو لم يكن قَارِئًا.
وَقَوله: ﴿كفى بِنَفْسِك الْيَوْم عَلَيْك حسيبا﴾ أَي: شَاهدا قَالَ الْحسن: عدل مَعَك من جعلك حسيب نَفسك.
وَقَالَ بَعضهم: يُقَال لَهُ هَذَا كتاب كَانَ لسَانك قلمه، وَرِيقك مداده، وجوارحك قرطاسه، وَكتب المملي على كاتبيك، فاقرأ مَا أمليت، وَالله أعلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿من اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لنَفسِهِ﴾ أَي: نفع اهتدائه لَهُ.
وَقَوله: ﴿وَمن ضل فَإِنَّمَا يضل عَلَيْهَا﴾ أَي: وبال ضلالته عَلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى﴾ يُقَال: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، فَإِنَّهُ قَالَ لمن أسلم: ارْجعُوا إِلَى دينكُمْ الْقَدِيم، فَإِنِّي أحمل أوزاركم؛ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وَمَعْنَاهُ: أَنه لَا يُؤَاخذ أحد بذنب أحد، وَقيل: لَيْسَ لأحد أَن يُذنب، فَيَقُول: فلَان قد أذْنب فَأَنا أتبعه، فَإِنِّي لَا آخذ أحدا بذنب أحد.
وَقَوله: ﴿وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا﴾ هَذَا دَلِيل على أَن مَا وَجب وَجب