﴿لَا تجْعَل مَعَ الله إِلَهًا آخر فتقعد مذموما مخذولا (٢٢) ﴾ لتفضيل هُوَ التقتير والتوسيع، والتقليل والتكثير، وَالْقَبْض والبسط، وَقد رُوِيَ فِي بعض الْآثَار أَن الله تَعَالَى عرض ذُرِّيَّة آدم على آدم فَرَأى فيهم تَفَاوتا شَدِيدا! فَقَالَ: رب هلا سويت بَين خلقك؟ فَقَالَ: يَا آدم، أردْت أَن أشكر.
وَقَوله: ﴿وللآخرة أكبر دَرَجَات﴾ قد بَينا أَن الدرجَة مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض.
وَفِي بعض المسانيد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " الْجنَّة مائَة دَرَجَة؛ مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ خَمْسمِائَة سنة ".
وَقَوله: ﴿وأكبر تَفْضِيلًا﴾ أَي: أعظم تَفْضِيلًا.
وَفِي الْأَخْبَار أَن النَّبِي قَالَ: " إِن الْمُؤمنِينَ يدْخلُونَ الْجنَّة بإيمَانهمْ؛ ويقتسمون الدَّرَجَات بأعمالهم ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا تجْعَل مَعَ الله إِلَهًا آخر﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن الْخطاب مَعَ الرَّسُول، وَالْمرَاد فِيهِ الْأمة، وَقد بَينا نَظِير هَذَا من قبل.
وَالْقَوْل الآخر: لَا تجْعَل أَيهَا الْإِنْسَان مَعَ الله إِلَهًا آخر، وَهَذَا الْخطاب مَعَ كل أحد.
وَقيل: إِن المُرَاد مِنْهُ النَّبِي على مَا هُوَ الظَّاهِر، وَهُوَ وَإِن كَانَ مَعْصُوما، فَلم يسْقط عَنهُ الْخطاب بالاحتراز والمباعدة عَن الْكفْر.
وَقَوله: ﴿فتقعد مذموما مخذولا﴾ أَي: مذموما من غير حمد، ومخذولا من غير نصر.