﴿فَإِنَّهُ كَانَ للأوابين غَفُورًا (٢٥) وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل وَلَا تبذر تبذيرا (٢٦) ﴾
وَقَوله: ﴿وَقل رب ارحمهما كَمَا ربياني صَغِيرا﴾ أَي: كَمَا رحماني بتربيتي صَغِيرا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ربكُم أعلم بِمَا فِي نفوسكم﴾ أَي: بِمَا فِي قُلُوبكُمْ. وَقَوله: ﴿إِن تَكُونُوا صالحين﴾ أَي: مُطِيعِينَ.
وَقَوله: ﴿فَإِنَّهُ كَانَ للأوابين غَفُورًا﴾ وَوجه اتِّصَال الْآيَة بِمَا قبلهَا، هُوَ أَن الله تَعَالَى قَالَ: ﴿ربكُم أعلم بِمَا فِي نفوسكم﴾ من العقوق وَالْبر، فَإِن بدرت من بار بدرة من العقوق، فَإِن الله كَانَ للأوابين غَفُورًا يَعْنِي: [للتوابين] غَفُورًا.
وَفِي الأواب أَقْوَال كَثِيرَة، رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: هُوَ الَّذِي يرجع من الشَّرّ إِلَى الْخَيْر، وَعَن سعيد بن الْمسيب: هُوَ الَّذِي كلما أذْنب تَابَ وَإِن كثر، وَعَن عبيد بن عُمَيْر: هُوَ الَّذِي لَا يقوم من مجْلِس حَتَّى يسْتَغْفر الله من ذنُوبه، وَقيل: إِن الأواب هُوَ المسبح، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿يَا جبال أوبي مَعَه﴾ وَعَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: الأواب الَّذِي يُصَلِّي بَين الْمغرب وَالْعشَاء، وَتسَمى الصَّلَاة فِي ذَلِك الْوَقْت صَلَاة الْأَوَّابِينَ، وَعَن عون الْعقيلِيّ قَالَ: الأواب هُوَ الَّذِي يُصَلِّي الضُّحَى، وَعَن السّديّ قَالَ: هُوَ الَّذِي يُذنب سرا وَيَتُوب سرا.
وأصل الأواب: هُوَ الرَّاجِع، قَالَ الشَّاعِر:
(يَوْمَانِ يَوْم مقامات وتفدية | وَيَوْم سير على الْأَعْدَاء تأويب) |