﴿أَو خلقا مِمَّا يكبر فِي صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الَّذِي فطركم أول مرّة فسينغضون إِلَيْك رُءُوسهم وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قل عَسى أَن يكون قَرِيبا (٥١) يَوْم يدعوكم فتستجيبون بِحَمْدِهِ وتظنون إِن لبثتم إِلَّا قَلِيلا (٥٢) ﴾
وَعَن مُجَاهِد أَن معنى قَوْله: ﴿أَو خلقا مِمَّا يكبر فِي صدوركم﴾ هُوَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال. أَي: لَو كُنْتُم كَذَلِك لمتم وبعثتم.
وَقَالَ قَتَادَة: هُوَ كل مَا يعظم فِي عين الْإِنْسَان وصدره. وَعَن الْكَلْبِيّ قَالَ: هُوَ الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿فسيقولون من يعيدنا﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿قل الَّذِي فطركم أول مرّة﴾ أَي: أنشأكم أول مرّة، وَمن قدر على الْإِنْشَاء فَهُوَ على الْإِعَادَة أقدر.
وَقَوله: ﴿فسينغضون إِلَيْك رُءُوسهم﴾ أَي: يحركون إِلَيْك رُءُوسهم، وَهَذَا على طَرِيق الِاسْتِهْزَاء.
وَقَوله: ﴿وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ﴾ أَي: مَتى السَّاعَة؟ وَهَذَا أَيْضا قَالُوهُ استهزاء.
وَقَوله: ﴿قل عَسى أَن يكون قَرِيبا﴾ مَعْنَاهُ: أَنه قريب، " وَعَسَى " من الله وَاجِب على مَا بَينا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْم يدعوكم فتستجيبون بِحَمْدِهِ﴾ أَي: حامدين لَهُ. فَإِن قيل: كَيفَ يَصح هَذَا؟ وَالْخطاب مَعَ الْكفَّار؛ وَالْكَافِر كَيفَ يبْعَث حامدا لرَبه؟
وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنه خطاب للْمُؤْمِنين، وَقد انْقَطع خطاب الْكفَّار إِلَى هَذِه الْآيَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الْخطاب مَعَ الْكفَّار، وَمعنى قَوْله: ﴿فتستجيبون بِحَمْدِهِ﴾ أَي: مقرين أَنه خالقكم وباعثكم.
وَقَوله: ﴿وتظنون إِن لبثتم إِلَّا قَلِيلا﴾ هَذَا فِي جنب مُدَّة الْقِيَامَة (وَالْخُلُود) فَلَو مكث الْإِنْسَان فِي قَبره الألوف من السنين، يعد ذَلِك قَلِيلا فِي جنب مَا يصل إِلَيْهِ من