﴿عَلَيْهِم وَكيلا (٥٤) وَرَبك أعلم بِمن فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلَقَد فضلنَا بعض النَّبِيين على بعض وآتينا دَاوُد زبورا (٥٥) قل ادعوا الَّذين زعمتم من دونه فَلَا يملكُونَ كشف الضّر عَنْكُم وَلَا تحويلا (٥٦) أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة أَيهمْ﴾ أَي: كَفِيل.
وَمِنْهُم من قَالَ مَعْنَاهُ: لم يسلطك عَلَيْهِم بمنعهم من الْكفْر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَرَبك أعلم بِمن فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ أَي: وَرَبك الْعَالم بِمن فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض، وَهُوَ الْعَالم بأحوالهم وأفعالهم ومقاصدهم.
وَقَوله: ﴿وَلَقَد فضلنَا بعض النَّبِيين على بعض﴾ مَعْنَاهُ: أَنه اتخذ بَعضهم خَلِيلًا، وكلم بَعضهم، وسخر الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطير وَالرِّيح لبَعْضهِم، وَأَحْيَا الْمَوْتَى لبَعْضهِم، فَهَذَا معنى التَّفْضِيل.
وَقَوله: ﴿وآتينا دَاوُد زبورا﴾ قَالُوا: الزبُور كتاب يشْتَمل على مائَة وَخمسين سُورَة، كلهَا تحميد وتمجيد وثناء على الله، لَيْسَ فِيهَا أَمر وَلَا نهي وَلَا حَلَال وَلَا حرَام. وَمعنى الْآيَة: أَنكُمْ لما لم تنكروا تَفْضِيل سَائِر النَّبِيين وإعطائهم الْكتب، فَلَا تنكروا فضل النَّبِي وإعطائه الْقُرْآن. فَيجوز أَن يكون هَذَا الْخطاب مَعَ أهل الْكتاب، وَيجوز أَن يكون مَعَ قوم كَانُوا مقرين بِهَذَا من مُشْركي الْعَرَب. وَالزَّبُور مَأْخُوذ من الزبر؛ والزبر هُوَ الْكِتَابَة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿قل ادعوا الَّذين زعمتم من دونه﴾ رُوِيَ أَن الْمُشْركين لما قحطوا حَتَّى أكلُوا الْكلاب والجيف اسْتَغَاثُوا بِالنَّبِيِّ، ليدعو لَهُم؛ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة: ﴿قل ادعوا الَّذين زعمتم﴾ أَنهم آلِهَة ﴿من دونه﴾ أَي: من دون الله.
وَقَوله: ﴿فَلَا يملكُونَ كشف الضّر عَنْكُم﴾ أَي: كشف الْجُوع والقحط عَنْكُم.
وَقَوله: ﴿وَلَا تحويلا﴾ أَي: لَا يملكُونَ نقل الْحَال، وتحويلا من السقم إِلَى الصِّحَّة، وَمن الجدب إِلَى الخصب، وَمن الْعسر إِلَى الْيُسْر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ﴾ قَرَأَ ابْن مَسْعُود: " أُولَئِكَ الَّذين تدعون "