﴿أقرب ويرجون رَحمته وَيَخَافُونَ عَذَابه إِن عَذَاب رَبك كَانَ محذورا (٥٧) وَإِن من قَرْيَة إِلَّا نَحن مهلكوها قبل يَوْم الْقِيَامَة أَو معذبوها عذَابا شَدِيدا كَانَ ذَلِك فِي الْكتاب﴾ وَعنهُ أَنه قَالَ: كَانَ قوم من الْمُشْركين يعْبدُونَ قوما من الْجِنّ، فَأسلم الجنيون الَّذين كَانُوا يعْبدُونَ، وَبَقِي هَؤُلَاءِ على شركهم؛ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة. مَعْنَاهُ: إِن الَّذين كُنْتُم تدعونهم وتعبدونهم ﴿يَبْتَغُونَ﴾ أَي: يطْلبُونَ ﴿إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة﴾ والوسيلة هِيَ الدرجَة الرفيعة فِي الْجنَّة، وَقيل: الْوَسِيلَة كل مَا يتوسل بِهِ إِلَى الله تَعَالَى أَي: يتَقرَّب.
وَقَوله: ﴿أَيهمْ أقرب﴾ مَعْنَاهُ: ينظرُونَ أَيهمْ أدنى وَسِيلَة، وَقيل: أَيهمْ أقرب إِلَى الله فيتوسلون بِهِ، وَقيل: الْآيَة فِي عُزَيْر والمسيح وَغَيرهمَا، وَقيل: الْآيَة فِي الْمَلَائِكَة؛ فَإِن الْمُشْركين كَانُوا يعْبدُونَ الْمَلَائِكَة، وَالْمَلَائِكَة عبيد يطْلبُونَ إِلَى الله الْوَسِيلَة، وَهَذَا فِي نفر من الْمُشْركين دون جَمِيعهم.
وَقَوله: ﴿ويرجون رَحمته وَيَخَافُونَ عَذَابه﴾ يَعْنِي: الجنيين الَّذين أَسْلمُوا وَالْمَلَائِكَة، أَو عُزَيْرًا والمسيح.
وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي: " لَو وزن خوف الْمُؤمن ورجاؤه لاعتدلا ".
وَقَوله: ﴿إِن عَذَاب رَبك كَانَ محذورا﴾ أَي: يطْلب مِنْهُ الحذر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن من قَرْيَة إِلَّا نَحن مهلكوها قبل يَوْم الْقِيَامَة﴾ مَعْنَاهُ: وَمَا من قَرْيَة إِلَّا نَحن مهلكوها فإهلاك الْمُؤمنِينَ بالإماتة، وإهلاك الْكفَّار بالاستئصال وَالْعَذَاب، وَقيل قَوْله: ﴿مهلكوها﴾ هَذَا فِي حق الْمُؤمنِينَ بالإماتة.
قَوْله: ﴿أَو معذبوها عذَابا شَدِيدا﴾ فِي حق الْكفَّار.


الصفحة التالية
Icon