﴿قَالَ اذْهَبْ فَمن تبعك مِنْهُم فَإِن جَهَنَّم جزاؤكم جَزَاء موفورا (٦٣) واستفزز من اسْتَطَعْت مِنْهُم بصوتك وأجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك وشاركهم فِي الْأَمْوَال﴾ أَكثر ذُرِّيَّة آدم يتبعونه؟ قُلْنَا: الْجَواب من وَجْهَيْن: أَنه لما رأى انقياد آدم لوسوسته طمع فِي ذُريَّته.
وَالثَّانِي: أَنه رأى ذَلِك فِي اللَّوْح مَكْتُوبًا، وَعرف كَمَا عرف الْمَلَائِكَة حِين قَالُوا: ﴿أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ اذْهَبْ فَمن تبعك مِنْهُم فَإِن جَهَنَّم جزاؤكم جَزَاء موفورا﴾ أَي: موفرا وَمعنى موفرا أَي: مكملا وَقَالَ الشَّاعِر:
(وَمن يَجْعَل الْمَعْرُوف من دون عرضه | يفسره وَمن لَا يتق الشتم يشْتم) |
(فَقلت لَهَا هِيَ فَلَا تستفزي | ذَوَات الْعُيُون وَالْبَيَان المحصب) |
وَقَوله: ﴿وأجلب عَلَيْهِم﴾ أَي: اجْمَعْ عَلَيْهِم مكائدك وحيلك، يُقَال: جلب على الْعَدو إِذا جمع عَلَيْهِم الْجَيْش. وَفِي الْمثل: " إِذا لم تغلب فأجلب " وَقيل مَعْنَاهُ: أجمع عَلَيْهِم جيشك وجندك.
وَقَوله: ﴿بخيلك ورجلك﴾ كل رَاكب فِي مَعْصِيّة فَهُوَ من خيل إِبْلِيس، وكل ماشي فِي مَعْصِيَته فَهُوَ فِي رجل إِبْلِيس. وَالْخَيْل: الرَّاكِب، وَالرجل: المشاة، وَفِي الْخَبَر:
الصفحة التالية