﴿لنراها فِي ضلال مُبين (٣٠) فَلَمَّا سَمِعت بمكرهن أرْسلت إلَيْهِنَّ وأعتدت لَهُنَّ متكأ وآتت كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ سكينا وَقَالَت اخْرُج عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رأينه أكبرنه وقطعن أَيْدِيهنَّ﴾
قَوْله: ﴿فَلَمَّا سَمِعت بمكرهن﴾ أَي: بتدبيرهن. وَقد رُوِيَ أَنَّهَا أفشت إلَيْهِنَّ سرها واستكتمتهن فأفشين ذَلِك؛ فَلهَذَا سَمَّاهُ مكرا. وَقَوله: ﴿وَأرْسلت إلَيْهِنَّ﴾ أَي: دعتهن. وَقَوله: ﴿وأعتدت لَهُنَّ مُتكئا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس وَمُجاهد: المتكأ يتكئون على الوسائد. وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " أما أَنا فَلَا آكل مُتكئا " وَهَذَا مِمَّا اخْتَارَهُ الله تَعَالَى لَهُ من التَّوَاضُع، وَأما الجبارون والعظماء فقد اعتادوا الْأكل متكئين. وَقيل: " وأعتدت لَهُنَّ مُتكئا " أَي: طَعَاما وَشَرَابًا واتكاء.
وقرىء فِي الشاذ: " وأعتدت لَهُنَّ متكا " والمتك: هُوَ الأترج. ذكره ابْن عَبَّاس وَمُجاهد. وَقيل: إِنَّه البزماورد. أوردهُ الضَّحَّاك. وَقيل: هُوَ كل مَا يحز بالسكين. وَفِي الْقِصَّة: أَنَّهَا دعت أَرْبَعِينَ امْرَأَة من أَشْرَاف [نسَاء] مصر وزينت بَيْتا بألوان الْفَوَاكِه والوسائد وفرشت الْبسط. وَقَوله: ﴿وآتت كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ سكينا﴾ أَي: وأعطت كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ سكينا؛ وَقد كَانُوا يَأْكُلُون اللَّحْم جزا بالسكين؛ وَالسّنة هُوَ النهش.
وَقَوله: ﴿وَقَالَت اخْرُج عَلَيْهِنَّ﴾ أمرت يُوسُف بِأَن يخرج عَلَيْهِنَّ فَخرج وَقد أخذن السكاكين ليقطعن الْمَأْكُول. وَقَوله: ﴿فَلَمَّا رأينه أكبرنه﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أعظمنه. وَالْآخر: حضن. قَالَ الشَّاعِر:

(نأتي النِّسَاء لَدَى أطهارهن وَلَا نأتي النِّسَاء إِذا أكبرن إكبارا)
يَعْنِي: إِذا حضن. وَالْأولَى هُوَ الأول. وَأنكر أَبُو عُبَيْدَة أَن يكون " أكبرن " بِمَعْنى:


الصفحة التالية
Icon